للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرادُ بحفظِ المذهبِ في هذه الطبقةِ هو: المعنى ذاته المذكورُ في الطبقةِ الثالثةِ، كما نصَّ عليه ابنُ الصلاحِ (١).

وهلْ لأهلِ هذه الطبقة أنْ يخرِّجوا حكمَ ما لم ينصَّ عليه إمامُهم؟

يجيبُ ابنُ الصلاح عن السؤالِ، فيقول: "وأمَّا ما لا يجده منقولًا في مذهبِه:

فإنْ وَجَدَ في المنقولِ ما هذا في معناه، بحيثُ يدركُ مِنْ غيرِ فَضْلِ فكرٍ وتأمّلٍ أنَّه لا فارقَ بينهما - كما في الأَمةِ بالنسبةِ إلى العبدِ المنصوصِ عليه في إعتاقِ الشريكِ (٢) -: جازَ له إلحاقُه به، والفتوى به، وكذلك ما يَعْلَم اندراجه تحتَ ضابطٍ منقولٍ وممهّدٍ في المذهبِ.

وما لم يكن كذلك، فعليه الإمساكُ عن الفتيا به" (٣).

وسمَّى جلالُ الدّين السيوطيُّ أهلَ هذه المرتبةِ بمجتهدي الفتيا (٤).

ولعلَّ وجه نعتِ السيوطي لهم بالاجتهادِ المذهبي، هو قيامُهم بالتخريجِ على فروعِ المذهبِ في أحوال معينةٍ.

وقد تَبِعَ محيي الدّينِ النوويُّ (٥)، وتقيُّ الدّين بنُ تيمية (٦)، وبرهانُ


(١) انظر: المصدر السابق.
(٢) في كلام ابنِ الصلاح إشارةٌ إلى حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ أعتق شِرْكًا له في عبدٍ، فكان له مالٌ يبلغ ثمن العبد، قؤم العبد عليه قيمة عدل، فأعطي شركاءه حصصهم، وعتق عليه، وإلا فقد عتق منه ما عتق)، والحديث أخرجه: البخاري في: صحيحه، كتاب: العتق، باب: إذا أعتق عبدًا بين اثنين، أو أمة بين الشركاء (ص/ ٤٧٧)، برقم (٢٥٢١)، واللفظ له؛ ومسلم في: صحيحيه، كتاب: العتق (٢/ ٧٠٠) برقم (١٥٠١).
والِشِرْك: النصيب. انظر: المصباح المنير للفيومي، مادة: (شرك)، (ص/ ٢٥٦).
(٣) أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٩ - ١٠٠).
(٤) انظر: الرد على من أخلد إلى الأرض (ص/ ٩٨).
(٥) انظر: المجموع شرح المهذب (١/ ٤٢ - ٤٤).
(٦) انظر: المسودة (٢/ ٩٦٦ - ٩٦٩)، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>