للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهرُ كلامِ تاجِ الدينِ بنِ السبكي في كتابِه: (جمع الجوامع) (١) أنَّه يُسمّي أهل هذه الطبقة بمجتهدي الفتيا؛ إذ يقولُ: "ودونَه - أيْ: دون مجتهدِ المذهب - مجتهدُ الفتيا، وهو: المتبحرُ المتمكنُ مِنْ ترجيحِ قولٍ على آخر" (٢).

يؤكّدُ ما بينتُه آنفًا أنَّ جلالَ الدينِ السيوطي لمَّا شَرَحَ نظمه لجمعِ الجوامعِ قرّرَ أنَّ مجتهدَ الفتيا هو ما ذكره ابنُ الصلاحِ في الطبقةِ الثالثةِ (٣).

ويمكنُ القولُ: إن تاجَ الدين بن السبكي سمَّى أربابَ هذه الطبقة، وأربابَ الطبقة الرابعة الآتية بعد قليلٍ بمجتهدي الفتيا؛ لأنَّ بدرَ الدين الزركشي قال عن مجتهدِ الفتيا: "وهذا أدنى المراتبِ، وما بقي بعده إلا العاميُّ ومَنْ في معناه" (٤).

أمَّا جلالُ الدينِ السيوطيُّ فسمَّى أهلَ هذه الطبقةِ بمجتهدي الترجيحِ (٥).

الطبقة الرابعة: مَنْ يقومُ بحفظِ المذهبِ، ونقلِه وفهمِه في واضحِ المسائلِ ومشكلاتها، غير أن عنده ضعفًا في تقريرِ أدلتِه، وتحريرِ أقيستِه (٦).

يقولُ ابنُ الصلاحِ عن فقيه هذه الطبقةِ: "إنَّ هذا الفقيه لا يكونُ إلا فقيه النفسِ؛ لأنَّ تصويرَ المسائلِ على وجهِها، ثم نقلَ أحكامها بعد استتمامِ تصويرها - جلياتها وخفياتها - لا يقومُ به إلا فقيهُ النفسِ، ذو حظٍّ مِن الفقهِ" (٧).


(١) انظر: جمع الجوامع (٢/ ٣٨٤)، مع شرحه البدر الطالع لجلال الدين المحلي.
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر: شرح الكوكب الساطع (٤/ ١٢٨ - ١٢٩).
(٤) تشنيف المسامع (٤/ ٥٧٥).
(٥) انظر: الرد على من أخلد إلى الأرض (ص/٩٨).
(٦) انظر: أدب المفتي والمستفتى (ص/ ٩٩).
(٧) المصدر السابق (ص/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>