للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرتضِ في التخريجِ والاستنباطِ كارتياضهم، وإمَّا لكونِه غيرَ متبحِّرٍ في أصولِ الفقهِ - غير أنَّ الفقيه في هذه الطبقة لا يخلو من معرفةٍ بالقواعدِ الأصوليةِ في ضمن ما يحفظه من الفقهِ، ويعرفه مِنْ أدلتِه (١) - وإمَّا لكونِه مقصّرًا في غير ذلك مِن العلومِ التي هي مِنْ شروطِ الاجتهادِ المذهبي الحاصلِ لأصحابِ الوجوهِ والطرقِ (٢).

يقولُ ابنُ الصلاحِ: "هذه صفةُ كثيرٍ مِن المتأخرين - إلى أواخر المائة الخامسة مِن الهجرةِ - المصنِّفين، الذين رتَّبوا المذهبَ، وحرروه، وصنفوا فيه تصانيفَ بها معظمُ اشتغالِ الناسِ اليومَ، ولم يلحقوا بأربابِ الحالةِ الثانيةِ" (٣).

ويمكنُ جعل ما ذكره ابنُ الصلاحِ في صدرِ الطبقةِ شروطًا مستقلةً لأهلِها.

وقد يقومُ أهلُ هذه الطبقةِ بالتَّخْرِيج، فيقيسون غيرَ المنقولِ والمسطورِ في مذهبِهم على المنقولِ والمسطورِ فيه (٤).

يقولُ ابنُ الصلاحِ عن فتاوى أهلِ هذه الطبقةِ: "فيهم مَنْ جُمِعَت فتاويه وأُفْرِدَتْ، ولا يبلغُ في التحاقِها بالمذهبِ مبلغ أصحابِ الوجوهِ، ولا تقوى كقوتِها" (٥).

وقد بيَّنَ ابنُ الصلاحِ المرادَ بحفظِ المذهبِ، بقولِه: "أنْ يكونَ معظمُ الفقهِ على ذهنِه، ويكونَ؛ لدُرْبتِه متمكنًا مِن الوقوفِ على الباقي بالمطالعةِ - أو ما يلتحقُ بها - على القُرْبِ" (٦).


(١) في: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٨): "أداته"، وأثبتُ ما في نسخة أخرى كما في حاشية المحقق رقم (٦).
(٢) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٨).
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٩).
(٥) المصدر السابق.
(٦) المصدر السابق (ص/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>