للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتخذُ أهلُ هذه الطبقةِ نصوصَ إمامِهم أصولًا يستنبطون منها، كما يفعلُ المجتهدُ المستقلُّ بنصوصِ الشارعِ (١).

فإنْ قالَ قائلٌ: كيفَ يُمكنُ للمتمذهبِ في هذه الطبقةِ التخريجُ على أقوالِ إمامِه، مَعَ إخلالِه بعلمِ اللغةِ العربيةِ؟

يمكن الجواب: بأنَّه ليس المرادُ بالإخلالِ عدمَ المعرفةِ بالكليةِ، بل المعرفةُ حاصلةٌ له، لكنَّها لا تبلغ بصاحبِها المعرفة التي بلغها المجتهدُ المطلقُ.

وقد ذَكَرَ ابنُ الصلاحِ أنَّ الفقيهَ مِنْ أهلِ هذه الطبقة رُبَّما مرَّ به الحكمُ، وقد ذكره إمامُه بدليلِه، فيكتفي بذلك، ولا يبحثُ عن معارضٍ لهذا الدليلِ (٢).

ثمَّ قالَ ابنُ الصلاحِ: "وهذه صفةُ أصحابِ الوجوهِ والطُرُقِ في المذهبِ" (٣).

ثمَّ بيّنَ أنَّ على هذه الطبقة أئمةَ الشافعيةِ، أو أكثرهم (٤).

وقد سمَّى تاجُ الدين بنُ السبكي المتمذهبَ في هذه الطبقةِ بمجتهدِ المذهبِ (٥)، وسمَّاه جلالُ الدين السيوطيُّ بالمجتهدِ المقيّدِ، وبمجتهدِ التخريجِ (٦).

الطبقة الثالثة: يُمَثلها مَنْ كان فقيهَ النفسَ، حافظًا لمذهبِ إمامِه، عارفًا بأدلتِه، قائمًا بتقريرِها وبنصرتِها، يصوّرُ ويحرّرُ، ويمهّدُ ويقرّرُ، ويزيّفُ ويرجّحُ، لكنَّه قَصرَ عن درجةِ أربابِ الطبقةِ الثانيةِ: (أصحاب الوجوه والطرق)؛ إمَّا لكونِه لم يبلغْ مبلغَهم في حفظِ المذهبِ، وإمَّا لكونِه لم


(١) انظر: المصدر السابق.
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر: المصدر السابق (ص/ ٩٥).
(٥) انظر: جمع الجوامع (٢/ ٣٨٤)، مع شرحه البدر الطالع لجلال الدين المحلي.
(٦) انظر: الرد على من أخلد إلى الأرض (ص/٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>