للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: يرى الشيخُ محمدٌ أبو زهرة أنَّ عدَّ أبي يوسفَ، ومحمد بن الحسن، وزفر مِنْ أهلِ الطبقةِ الثانيةِ، محلُّ نظرٍ - كما سيأتي بعد قليلٍ - وبناءً عليه، فإذا كان لا يُوجَد في الطبقة الثانيةِ إلا هم وأمثالهم، فليس لهذه الطبقةِ وجودٌ في المذهبِ الحنفي؛ لأنَّ أبا يوسف ومحمدًا، وأمثالهما مجتهدون مستقلون كلّ الاستقلالِ، ولهم مِثْلُ ما لشيخهم أبي حنيفةَ مِنْ آراء، وإنْ كان له فضلُ السبقِ والتعليمِ (١).

ثانيًا: انتقدَ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة - أيضًا - الفَصْلَ بين الطبقتين: الثالثة والرابعة، وعلّلَ لذلك، فقالَ: "إنَّ الفرقَ بين الطبقةِ الرابعةِ، وسابقتها دقيقٌ لا يكادُ يستبين، ومَنْ عدَّهما طبقةً واحدةً لا يعدو الحقيقة؛ لأنَّ الترجيحَ بين الآراءِ على مقتضى الأصولِ لا يقل وزنًا عن استنباطِ أحكامِ فروعٍ لم تُؤْثَر لها أحكامٌ عن الأئمةِ" (٢).

فأصحابُ التخريجِ الذين عدّهم ابنُ كمال باشا الطبقة الرابعة، هم المجتهدون في المسائل التي لا روايةَ فيها عن إمام المذهب الذين عدّهم طبقةً ثالثةً.

ثالثًا: لمَّا ذَكَرَ ابنُ كمال الطبقةَ الرابعةَ: (أصحاب التخريج)، جَعَلَ عملَهم تفصيلَ قولٍ مجملٍ ذي وجهين، وحُكمٍ مُبْهَم محتمل لأمرين ... وانتقد جمعٌ مِن العلماءِ صنيعَه؛ لأنَّ عملَ أهلِ الطبقةِ الرابعة على هذا الوصفِ، لا يتضحُ معه الفرقُ بينهم، وبين عملِ أهلِ الطبقةِ الخامسةِ: (أصحاب الترجيح)؛ لأنَّ عملَ أهلِ الطبقةِ الرابعةِ مِنْ قبيلِ الترجيحِ (٣).

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة: "إنَّه لكي تكون الأقسامُ متميزةً غيرَ متداخلة، يجب حذفُ طبقةٍ مِنْ هذه الطبقات الثلاث، وهي: الثالثةُ والرابعةُ


(١) انظر: أبو حنيفة - حياته وعصره (ص/ ٣٨٦).
(٢) المصدر السابق (ص/ ٣٨٧).
(٣) انظر: أبو حنيفة - حياته وعصره (ص/ ٣٨٧)، والوجيز في أصول الاستنباط للدكتور محمد الفرفور (٢/ ٥٩٧)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>