للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخامسةُ، واعتبارهما طبقتين اثنتين: إحداهما: طبقة المخرِّجين ... والثانية: طبقة المرجِّحين ... " (١).

لكنْ يمكنُ التفريقُ بين الطبقتين: الرابعةِ والخامسةِ، وبيانُ ذلك: أنَّ وظيفةَ أرباب الطبقةِ الرابعةِ هي توضيح قولٍ واحدٍ فقط، أمَّا الطبقة الخامسة، فوظَيفةُ أهلِها هي الترجيحُ بين عدّةِ أقوال.

رابعًا: لا يتضحُ فرقٌ ظاهرٌ بين الطبقةِ الخامسةِ، والطبقةِ السادسةِ؛ لأنَّ أصحابَ الطبقةِ السادسةِ إذا كانوا قادرين على التمييزِ بين الأقوى والقوي والضعيفِ، وظاهرِ المذهب والروايةِ النادرةِ، فهم مِنْ أهل الترجيحِ الذين عدَّهم ابنُ كمال باشا في الطَبقةِ الخامسةِ (٢).

لكنَّ الشيخَ محمدًا أبو زهرة قرّر الفرقَ بين الطبقتين - فلا يَرِدُ الإشكالُ بناءً على تفريقِه بينهما - إذ جَعَلَ أهلَ الطبقةِ السادسةِ: (الذين لا يرجحون بين الأقوالِ والرواياتِ) على علمٍ بما رجّحَه السابقون، واختاروه، وبيّنوا أنَّه الأقوى، ومعرفةُ ما رجَّحه العلماءُ، والموازنة بين ترجيحِ المرجِّحين مِنْ حيثُ قوةُ الدليلِ، أو كثرةُ العددِ أمرٌ سهلٌ، فعملُ الطبقةِ السادسةِ ليس الترجيحِ، ولكنْ معرفةُ ما رُجِّحَ، وترتيب درجاتِ الترجيحِ (٣).

خامسًا: عقّبَ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة على وصفِ أهلِ الطبقةِ السابعةِ بأنَّهم لا يُفرّقون بين الغثِّ والسمين، ولا يميزون بين الشمالِ واليمين ... بقولِه: "لستُ أدري إذا كان هؤلاءِ على ذلك الوصفِ، فكيفَ يُعدون مِن الفقهاء؟ ! إنَّهم نقلة، إنْ أردنا أنْ نرفقَ بهم في الاسمِ" (٤).


(١) أبو حنيفة - حياته وعصره (ص/ ٣٨٧).
(٢) انظر: ناظورة الحق للمرجاني (ص/ ١١٢)، ملحق بكتاب حسن التقاضي للكوثري، وإرشاد أهل الملة لمحمد المطيعي (ص/ ٢٥١)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٣٠٦).
(٣) انظر: أبو حنيفة - حياته وعصره (ص/ ٣٨٨).
(٤) المصدر السابق. وانظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>