للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكنُ القول بأنَّ مرادَ ابن كمال باشا بالفقهاءِ ما يشملُ كلَّ مِن انتسبَ إلى الفقهِ؛ وأهلُ الطبقةِ السابعة ممَّنْ ينتسبُ إلى الفقهِ.

الاتجاه الثاني: النقدُ الموجه إلى توزيعِ الفقهاءِ على الطبقاتِ.

لمَّا ذَكَرَ ابنُ كمال باشا طبقاتِ الفقهاءِ أَرْدَفَ أغلبَها بذكرِ أمثلةٍ لها مِنْ علماءِ المذهبِ الحنفي، ورأى بعضُ علماءِ الحنفيةِ أنَّ بعضَ علمائهم أُنزِلوا في طبقةٍ دونَ التي يستحقونها.

وسأوجزُ الحديثَ هنا؛ لأنَّه لا يعدو أنْ يكونَ اختلافًا في وجهاتِ النظرِ إلى بعضِ العلماءِ، إضافةً إلى قلِّةِ الثمرةِ المرجوةِ وراءه.

أولًا: عدَّ ابنُ كمال باشا أبا يوسفَ ومحمدًا وسائرَ أصحاب أبي حنيفة مقلِّدين للإمامِ أبي حنيفةَ في أصولِه.

ولم يُسلِّمْ لابنِ كمال جمعٌ مِنْ علماءِ الحنفيةِ؛ لأنَّ لبعضِ أصحابِ الإمامِ أبي حنيفةَ أصولًا مختصة بهم، تفردوا بها عن الإمامِ أبي حنيفة، وخالفوه فيها (١)، ومَنْ يدرسُ حياتهم العلميةَ سيجدُ أنَّه يبعدُ وصفُهم بالتقليدِ لإمامِهم في أصولِه، فبعضُهم لم يكتفِ بالإمامِ أبي حنيفة، بلْ دَرَسَ على غيرِه مِن الأئمةِ (٢)، مع العلمِ أن الأصولَ لم تحرّرْ تحريرًا كاملًا في عهدِ الإمامِ أبي حنيفة، حتى يُقال: إنَّ أصحابَه تلقوها عنه، واتَّبعوه فيها، وإنَّما كانت الأصولُ تراعى عند الاستنباطِ، ولا تُلقى إلقاءً (٣).

يقولُ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة: "إنَّ أبا يوسف ومحمدًا وزفرَ - وغيرَهم


(١) انظر: ناظورة الحق للمرجاني (ص/ ١٠٥)، ملحق بكتاب حسن التقاضي للكوثري، والتعليقات السنية على الفوائد البهية للكنوي (ص/ ٤١)، وعمدة الرعاية له (١/ ٨)، وإرشاد أهل الملة لمحمد المطيعي (ص/ ٢٥٠ وما بعدها)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٣٠٦)، وأصول الإفتاء للعثماني (ص/ ٢١٨ وما بعدها)، مع المصباح في رسم المفتي.
(٢) انظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة (ص/ ٣٣١ - ٣٣٢).
(٣) انظر: المصدر السابق (ص/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>