للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيحًا، وأكثرِها اعتمادًا في الترجيحِ على أصولِ المذهبِ، وغير هذا مِنْ أنواعِ المرجحاتِ (١).

وخَتَمَ الشيخُ محمدٌ أبو زهرة حديثَه، قائلًا: "يظهرُ أنَّ ترتيبَهم - أيْ: أهل الطبقات - الوجودي يتفق مع الترتيبِ الذي ذكرناه؛ فالطبقةُ الأُولى: وهم المجتهدون المُطْلَقُون هم أبو حنيفةَ وأصحابه، ثمَّ الذين يلونهم هم المخرِّجون (٢) الذين أفتوا فيما لم يُؤْثَرْ عنهم بمقتضى قواعدِهم وأصولِهم، وبالقياسِ على فروعِهم، ثمَّ الذين يلونهم هم المرجِّحون بين الأقوالِ المختلفة، ثمَّ جاءَ مَنْ بعدهم مَنْ لهم قدرةٌ على معرفةِ ما رجَّحه سابقوهم، وليس لهم الحقُّ في أنْ يرجِّحوا هم ما لم يؤثر ترجيحُه عمَّنْ سَبَقَهم" (٣).

وأنبّه إلى أن بعضَ الباحثين نَقَدَ الشيخَ محمدًا أبو زهرة بأنَّه اطَّرحَ الطبقةَ الثانية التي ذكرها ابنُ كمال باشا وخَفِي مع اطراحِها المجتهدون المطلقون المنتسبون إلى أئمتِهم الذين يسيرون على أصولِهم الفقهية، دون تقيّدٍ بالفروع، الذين لم يصلوا إلى درجةِ الاجتهادِ المستقل، وارتفعوا عن درجةِ المخرِّجين (٤).

وما قاله صحيحٌ، إلا أنَّ الشيخَ أبو زهرة قد صرّح بهذه الطبقةِ في كتابه: (تاريخ المذاهب الإسلامية) (٥)، فيكمّل به ما قاله في كتبِه الأخرى التي كان سياقُ الكلامِ فيها منصبًّا على نقدِ طبقاتِ ابنِ كمال باشا.


(١) انظر: المصادر السابقة.
(٢) أضاف أبو زهرة في: تاريخ المذاهب الإسلامية (ص/ ٣٣٤) طبقةَ مجتهدي المذهب بعد طبقة المجتهدين المطلقين.
(٣) أبو حنيفة - حياته وعصره (ص/ ٣٨٨ - ٣٨٩).
(٤) انظر: المذهب الحنفي لأحمد نقيب (١/ ١٩٢).
(٥) انظر: (ص/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>