للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطبقةُ الرابعةُ مِن القسمِ الثاني التي ذكرها ابنُ الصلاحِ: (مَنْ يقومُ بحفظِ المذهب، ونقلِه، وفهمِه، غير أنَّ عنده ضعفًا في تقريرِ أدلتِه، وتحرير أقيستِه) (١)، يَمكنُ أنْ تمثلَها الطبقةُ السابعةُ التي ذكرها ابنُ كمال باشا: (المقلِّدون الذين لا يَقْدِرون على التمييزِ بين الأقوالِ، ولا يفرقون بين الغثِّ والسمينِ) (٢)، وإلا فالطبقةُ الرابعةُ عند ابنِ الصلاحِ أرفعُ مِن الطبقةِ السابعةِ التي ذكرها ابنُ كمال باشا.

ويصعبُ القولُ بأنَّ تقسيمًا من التقسيماتِ المتقدمِ ذكرها في المطلبينِ السابقينِ أرجحُ مِنْ غيرها؛ إذ مبنى التقسيمِ على سبرِ أحوالِ الفقهاءِ، ثمَّ تقسيمهم على وظائفِهم، لكنَّ المهمَّ أنْ يكونَ التقسيمُ حاصرًا لوظائفِ الفقهاءِ، وأنْ لا يكونَ ثمة تداخلٌ بين الطبقاتِ.

يقولُ الدكتورُ سيد الأفغاني: "إنَّ الذين كَتَبوا في هذا الموضوعِ - أي: الطبقات - يظهرُ مِنْ كتاباتِهم أنَّهم رتَّبوا طبقاتِ المجتهدين والفقهاءِ مِنْ خلالِ مطالعتِهم أحوالَهم، وتسجيلهم ما امتاز (٣) كل طبقةٍ عن طبقةٍ أخرى، فلذلك نجدهم يقولون: يُفْهَمُ مِنْ تَتَبّعِ أحوالِ هذه الطبقةِ أنها قادرةٌ على كذا ... ولذلك اختلفوا في إلحاقِ بعضِ العلماءِ ببعضِ الطبقاتِ، واختلفوا في بيانِ أوصافِ ما اعتنوا بها مِن الطبقاتِ أيضًا" (٤).

والعبرةُ في إدخالِ الشخصِ في طبقةٍ من طبقاتِ المتمذهبين باجتماع شروط الطبقة فيه، وبالأعمِّ الأغلبِ مِنْ حالِه، فقد يخرِّجُ المجتهدُ المطلقُ أحيانًا، ولا يقدحُ في وصفِه بالاجتهادِ (٥).

وسوفَ أَذْكُرُ طبقاتِ المتمذهبين في ضوءِ ما ورد في المطلبينِ السابقينِ، وقد جَعَلْتُ الطبقاتِ أربعًا، ثلاثًا للمجتهدين - الأُولى للمجتهدِ


(١) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩٩).
(٢) انظر: طبقات المجتهدين لابن كمال باشا (ص/٢٧٩).
(٣) لو قال: "ما امتازت به"، لكان أوضح.
(٤) الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه (ص/ ٣٦٩ - ٣٧٠).
(٥) انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>