للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلامي في هذه المسألةِ عن وصولِ المتمذهبِ إلى درجةِ الاجتهادِ المستقلِّ؛ بحيثُ ينتقلُ عن التمذهبِ إلى درجةِ أئمةِ المذاهبِ المستقلين باجتهاداتهم، وسأبيِّنُ الحكمَ في هذه المسألة في النقاطِ الآتيةِ:

الأولى: المتمذهبُ الذي لم تجتمع فيه شروطُ الاجتهادِ في الشريعةِ، ليس له ادّعاءُ بلوغِه؛ لفقدِه شروطه، وهذا أمرٌ معلومٌ لا يحتاجُ إلى إقامةِ الدلائل عليه.

الثانية: لا خلافَ في جوازِ الوصولِ إلى درجةِ الاجتهادِ المستقل في عصورِ الاجتهادِ التي كانتْ قبلَ استقرارِ أصولِ المذاهبِ.

هذا ما يُفهمُ مِنْ كلام أبي حامد الغزالي (١)، وأبي القاسم الرافعي (٢)، وابنِ الصلاحِ (٣)، وابنِ حمدان (٤)، حيثُ نصّوا على إغلاقِ بابِ الاجتهادِ المستقل، والقولُ بإغلاقِه يدلُّ على أنَّه كان مفتوحًا لمَنْ تحققتْ فيه الشروطُ.

ويؤكّدُ ما سَبَقَ: أن الأئمةَ الذين اتفق الناسُ على اتصافهم بالاجتهادِ المستقل، كانوا قبلَ بلوغِهم درجته غير مجتهدين.

الثالثة: نصَّ غيرُ واحدٍ مِنْ أهلِ العلمِ على إغلاقِ بابِ الاجتهادِ المستقلِّ، منهم: أبو حامد الغزالي (٥)، وأبو القاسم الرافعي (٦)، وابن الصلاح (٧)، وابن حمدان (٨)، وجلال الدين السيوطي (٩)، فليس لأحدٍ أنْ يحدث مذهبًا جديدًا بأصول وقواعد جديدة.


(١) انظر: الوسيط في المذهب (٧/ ٢٩١).
(٢) انظر: العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٤١٨).
(٣) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩١).
(٤) انظر: صفة الفتوى (ص/ ١٧).
(٥) انظر: الوسيط في المذهب (٧/ ٢٩١).
(٦) انظر: العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٤١٨).
(٧) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ٩١).
(٨) انظر: صفة الفتوى (ص/ ١٧).
(٩) انظر: الرد على من أخلد إلى الأرض (ص/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>