للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجحانِ أكثرِ فروعِه: فإن الانتقالَ سائغٌ (١)، ولا بأسَ به، بلْ هو ممَّا يُثاب عليه (٢)؛ وذلك للأمرين الآتيين:

الأمر الأول: لم يزلْ كثيرٌ مِن العلماءِ المحققين مِنْ مختلفِ المذاهبِ الفقهيةِ على مرِّ العصورِ ينتقلون مِنْ مذهبٍ إلى مذهبِ، والظاهرُ أنَّ الباعثَ لهم عليه أمرٌ ديني (٣).

الأمر الثاني: أنَّ المذاهبَ الفقهيةَ المتبوعةَ كلَّها طريقٌ إلى الفقهِ في الدِّينِ في أصولِه وفروعِه (٤).

ومِن العلماءِ مَنْ قالَ بوجوبِ الانتقالِ في هذه الحالِ (٥).

ويظهرُ لي أنَّ الخلافَ بين القائلين بالجوازِ، والقائلين بالوجوبِ خلافٌ لفظي؛ إذ يمكن حَمْلُ كلامِ المجوِّزين للانتقالِ على الانتقالِ في أصلِه، ويحمل كلام الموجبين له على أخذِ المتمذهبِ بما ترجّحَ عنده.

خامسًا: إنْ كانَ انتقالُ المتمذهب مِنْ مذهبٍ إلى آخر مجرَّدًا عن الغرضِ الدنيوي، والغرضِ الديني، فهذا لَه ثلاثُ حالات:

الحالة الأولى: إنْ كانَ المتمذهبُ قد تمكَّنَ مِنْ مذهبِه، وأتقنه.

فهذا ممَّا لا ينبغي معه الانتقالُ - ويكونُ حكمُ انتقالِه دائرًا بين الكراهةِ، والمنعِ (٦) - لأنَّه يحتاجُ إلى زمنٍ آخر لتحصيلِ المذهبِ المنتقَلِ


(١) انظر: المصدر السابق (٢/ ٣٥٠)، ومراقي السعود إلى مراقي السعود (ص/ ٤٦٠)، وإرشاد أهل الملة لمحمد المطيعي (ص/ ٢٣٠)، ورسالة في بيان الكتب التي يعول عليها له (ص/ ٥٣).
(٢) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٠/ ٢٢٣)، والآداب الشرعية لابن مفلح (١/ ٢٢٦).
(٣) انظر: نشر البنود (٢/ ٣٥٠)، ومراقي السعود إلى مراقي السعود (ص/ ٤٦٠)، وإرشاد أهل الملة لمحمد المطيعي (ص/ ٢٣٠)، ونثر الورود للشنقيطي (٢/ ٦٨٤).
(٤) انظر: نشر البنود (٢/ ٣٥٠)، ونثر الورود للشنقيطي (٢/ ٦٨٤).
(٥) انظر: نشر البنود (٢/ ٣٥١)، ونثر الورود للشنقيطي (٢/ ٦٨٥).
(٦) انظر: جزيل المواهب للسيوطي (ص/ ٤٣)، ونشر البنود (٢/ ٣٥١)، ومراقي السعود إلى مراقي السعود (ص/ ٤٦٢)، ونثر الورود للشنقيطي (٢/ ٦٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>