للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، وهذا يشغِلُه عمَّا هو أهمّ، مِنْ العمل بما تعلمه، وقد ينقضي عمرُه قبلَ حصولِ تفقهِه في المذهبِ المنتقَلِ إليه (١).

الحالة الثانية: إنْ كانَ المتمذهبُ قد اشتغلَ بمذهبِه، فلم يحصلْ منه على شيءٍ يُذْكَرُ، ووَجَدَ مذهبَ غيرِه سهلًا عليه، بحيثُ يمكنه إدراكُه وفهمُه، ويمكنُه الإحاطةُ به: فهنا يجبُ عليه الانتقالُ، ولا يجوزُ له البقاءُ على مذهبِه (٢)؛ لأنَّ التفقهَ على مذهب أحدِ الأئمةِ الأربعةِ، وفهمه خيرٌ مِن الاستمرارِ على مذهبٍ ما مَعَ الجهلِ بَأكثرِ مسائلِه (٣).

يقولُ جلالُ الدّينِ السيوطي: "رُبَّ شخصٍ يُفتَحُ عليه في علمٍ دون علمٍ، وفي مذهبٍ دونَ مذهبٍ، وهي قسمةٌ مِن الله" (٤).

الحالة الثالثة: إنْ كانَ المتمذهبُ لمَّا يتمكن مِنْ مذهبه بعدُ، ولم يمضِ عليه زمنٌ كبيرٌ.

فالظاهرُ أنَّ له الانتقالَ؛ لأنَّ حالَه كحال المبتدئِ، والمبتدئُ له التمذهبُ بأيِّ مذهبٍ أرادَ.

سادسًا: يراعى في مسائل الانتقالِ ما ذكرتُه في مسألةِ: (تفضيل مذهب من المذاهب)، مِنْ أن الأَولى بالمتمذهب البقاء على المذهبِ السائدِ في قُطْرِه وإقليمه؛ لأنَّه أدعى إلى ضبطِ العَلمِ، لوجودِ العلماءِ الناخلين لمذاهبِهم العارفين بها.

* * *


(١) انظر: المصادر السابقة.
(٢) انظر: جزيل المواهب للسيوطي (ص/ ٤٣)، ونشر البنود (٢/ ٣٥١)، ومراقي السعود إلى مراقي السعود (ص/ ٤٦١).
(٣) انظر: جزيل المواهب للسيوطي (ص/ ٤٣).
(٤) المصدر السابق (ص/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>