للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الرابع: يجوزُ للتمذهبِ أنْ يخرجَ عن مذهبِه في بعضِ المسائل، إنْ غَلَبَ على ظنِّه أن غيرَ مذهبِه هو الأقوى.

نَسَبَ بدرُ الدين الزركشي هذا القولَ إلى أبي الحسين القدوري (١).

ويظهرُ لي أنَّ هذا القولَ لا يخرجُ في مجملِه عن القولِ الثاني؛ لأن مَنْ يجوّزُ الخروجَ عن المذهبِ، فإنَّه يجوّز الخروجَ إنْ غَلَبَ على ظنِّ المتمذهبِ رجحانُ غيرِ مذهبِ إمامِه؛ من بابٍ أولى.

• أدلةُ الأقوال:

أدلةُ أصحابِ القولِ الأول: استدلَّ أصحابُ القولِ الأولِ بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: انعقدَ الإجماعُ على عدمِ جوازِ التنقلِ بين المذاهبِ؛ إذ لم يُعلمْ أنَّ أحدًا مِن المقلِّدين يترددُ بين مذاهبِ علماءِ الإسلامِ المتقدمين منهم والمتأخرين، فلم يُوجدْ مَنْ يقلِّدُ أبا بكرٍ - رضي الله عنه - في مسألةٍ، ويقلِّدُ في أخرى عمر - رضي الله عنه -، ولا مَنْ كان حنفيًا في مسألةٍ، شافعيًا في أخرى.

وقد حكى الإجماعَ ابنُ أبي القاسم اليماني، كما نقله عنه محمد الوزير (٢).

مناقشة الدليل الأول: نوقش الدليل من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: لا نُسلِّم صحةَ الإجماعِ المذكورِ في الدليلِ، بلْ قد انعقد الإجماعُ على خلافِ ما ذُكِرَ في الدليلِ (٣)، كما سيأتي الاستدلالُ به بعدَ قليلٍ.

الوجه الثاني: أنَّ المستدلَّ بالإجماعِ عوَّل في انعقادِه على المقلِّدين


(١) انظر: البحر المحيط (٦/ ٣٢١).
(٢) انظر: العواصم والقواصم (٣/ ١٢٨)، والروض الباسم (١/ ٢٢٠).
(٣) انظر: المصدرين السابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>