للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: إنَّا لم نصرْ إلى قولِه إلا وقد علمْنَا صحتَه، وعرفنا صحةَ الأصولِ التي بَنَى عليها، واعتمدَ في اجتهادِه على الرجوعِ إليها، فلمَّا عرفنا ذلك مِنْ مذهبِه اعتقدناه، وحَكَمْنَا بصوابِه" (١).

ويقولُ أحدُ المعاصرين: "وقد وجدنا لمَنْ يطلبُ الفقهَ - بالجلوسِ في حلقاتِ العلمِ - أنَّ أحكمَ طريقةٍ، وأسرعَ وأحسنَ وسيلةٍ تُوصِلُه إلى غايتِه، أنْ يتخذَ واحدًا مِن المذاهبِ الأربعةِ وسيلة للتفقهِ في الشريعةِ، أيْ: أنْ يتمذهبَ" (٢).

الخامس: لا يصحُّ التمذهبِ مِن العامي - على خلاف في ذلك، كما سيأتي الحديث عنه في مسألةٍ مستَقلةٍ - أمَّا التقليدُ، فيصحُّ مِن العامي.

السادس: التقليدُ أسبقُ في الوجودِ مِن التمذهبِ؛ إذْ وَقَعَ التقليدُ في عهدِ الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنهم -، ولم يكنْ ثَمّةَ تمذهبٌ بالمعنى المعَهودِ.

السابع: أنَّ معرفةَ الدليلِ تُخرجُ مِنْ حقيقةِ التقليدِ - على خلافٍ في نوعِ هذه المعرفةِ - بخلافِ التمذهبِ، فإنَّ معرفةَ الدليلِ لا تُخْرِجُ عن حقيقةِ التمذهبِ.

الثامن: أنَّ التمذهبَ طريقٌ لمعرفةِ حكمِ النازلةِ؛ بتخريجِها على فروعِ المذهبِ أو على أصولِه، أمَّا التقليدُ، فليسَ بطريقٍ لمعرفةِ حكمِ النازلةِ.

نخلصُ مِنْ هذا إلى أنَّ مِنْ التمذهبِ ما هو تقليدٌ، ومنه ما ليسَ بتقليدٍ، فالأول هو التقليد المذهبي، والثاني هو الاجتهاد المذهبي، والذي يُمْكِنُ أنْ يُسمَّى بالاجتهادِ المشوبِ بالتقليدِ.

وإذا أردنا معرفةَ النسبةِ بين التمذهبِ والتقليدِ، نجدُ أنَّهما يجتمعان في شخصين:


(١) المعونة على مذهب عالم المدينة (ص/٢٤٨ - ٢٤٩).
(٢) برنامج عملي للمتفقهين للدكتور عبد العزيز القارئ (ص/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>