للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومثل هذا قوله تعالى {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} يعني آدم وحواء {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} يعني لما ولد لهما ولد سمَّوه عبد الحارث الذي هو إبليس (١) فقال سبحانه {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: ١٩٠] يعني إضافتهم الولد إلى عبد الحارث، وحصلت الكناية عنهم بلفظ الجمع، لأنها لو رجعت إليهما لكانت بلفظ التثنية، فيقول: فتعالى عما يشركان.

وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [الأعراف: ١١] والمراد بذلك آدم (٢).

وقد ذكر ابن قتيبة هذا في مختلف الحديث أن معنى قول {خَلَقْنَاكُمْ} المراد به خلقنا آدم.

فإن قيل: إذا حملتم الكلام على آدم، كان ذلك تأويلًا للخبر، وقد منعتم من التأويل.

قيل: ليس هذا بتأويل، وإنما هو بيان أن هناك محذوف مقدَّر يشهد لظاهر القرآن ونحن لا نمنع من ذلك، وهذه طريقة صحيحة، ويكون لآدم مزية بالذكر على ذريته.


(١) روى في ذلك حديث مرفوع ضعيف، أخرجه أحمد (٥/ ١١) والترمذي (٥/ ٢٦٧) وابن جرير في تفسيره (٩/ ٩٩) والحاكم (٢/ ٥٤٥) عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لما حملت حوّاء طاف بها إبليس -وكان لا يعيش لها ولد- فقال: سمِّيه عبد الحارث، فسمَّته عبد الحارث، فعاش ذلك، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره".
وعزاه السيوطي في الدر (٣/ ٦٢٣) إلى ابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردوية.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه، عمر بن إبراهيم شيخ بصري اهـ.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي!
كذا قالا! وفيه عمر بن إبراهيم وهو العبدي أبو حفص، قال أحمد: وهو يروي عن قتادة أحاديث مناكير يخالف، وقال ابن عدي: يروي عن قتادة أشياء لا يوافق عليها، وحديثه خاصة عن قتادة مضطرب (التهذيب ٧/ ٤٢٦).
(٢) واختاره ابن جرير (٨/ ٩٥) بدليل قوله تعالى بعدها {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ. . . .}.

<<  <   >  >>