للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعلم أنَّ هذا الحديث يدلّ على جواز إطلاق السؤال عنه سبحانه بأين هو، ويدلُّ على جواز الإخبار عنه بأنه كان في عَمَاءَ، لا على وجه الإحاطة والجهة كما أجزنا رؤيته لا على وجه الجهة.

فإن قيل: قوله "في عماء" يحتمل أن يكون فوق عماء.

قيل: هذا غلط، لما بينَّا من فساد هذا السؤال في الخبر الذي قبله.

ورأيت في كتاب أبي موسى النحوي المعروف بالحامض: رواية السوسنجردي (١) قلت لأبي العباس في مسئلة النبي -صلى الله عليه وسلم- أين كان ربنا، أليس في المكان؟ قال: فيما يستفهم الجاهل وبأي شيء يسئل إذا أراد علم شيء جهله، لا بد من هذا، ويكون الجواب على حسب ذلك، ألا ترى قوله "كان في عماء" وفي عماء فالممدود هو الغيم الرقيق، والمقصور أي كان في عماء علينا، لا ندري (٢).

وهذا من ثعلب دلالة على جواز السؤال عنه بالأُينية وإن كانت للمكان.

[[حديث آخر]]

٢٣١ - ذكره ابن فُورك ولم يقع لي طريقه: عن أنس بن مالك قال: كان جبريل عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتاه ملك فقال: أين تركت ربنا؟ قال: في سبع أرضين، فجاءه آخر فقال: أين تركت ربنا؟ قال: في سبع سماوات، فجاءه آخر


(١) غريب الحديث (٢/ ٨ - ٩).
(٢) هو أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور أبو الحسين المعدل، المعروف بابن السوسنجري (وقع في الأصل بالزاي وهو خطأ)، سمع أبا عمرو بن السماك والنجاد وغيرهما، قال الخطيب: كان ثقة مأمونا دينا مستورًا حسن الاعتقاد، شديدًا في السنة، وسمعت من يذكر عنه أنه اجتاز يومًا في سوق الكرخ، فسمع سبّ بعض الصحابة، فجعل على نفسه أن لا يمشي قط في الكرخ، مات سنة ٤٠٢ هـ. (تاريخ بغداد (٤/ ٢٣٧)، طبقات الحنابلة (٢/ ١٦٨ - ١٦٩).

<<  <   >  >>