الفصل الخامس قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لا أدري" لما قيل: له "فيم يختصم الملأ الأعلى"
قيل: فيه وجهان:
أحدهما: أنه يحتمل أنه كان يعلم، لكن استعمل حسن الأدب بحضرة من هو أعلم به، حتى لا يدعي ذلك بحضرة من هو أعلم، كما قال تعالى {* يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)} [المائدة: ١٠٩].
وقيل: إنه يحتمل أنه لم يعلم، ثم علم بعد ذلك ما بين المشرق والمغرب بأن زويت له الأرض، كما رُوي في الحديث:"زُويت لي الأرض، فأُريت مشارقها ومغاربها"(١).
* * *
(١) أخرجه أحمد في مسنده (٥/ ٢٧٨، ٢٨٤) ومسلم (٤/ ٢٢١٥) عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زُوي لي منها. . ." ومعنى زوي أي جمع. وأخرجه أحمد (٤/ ١٢٣) عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن أبي أسماء الرحبي عن شداد بن أوس مرفوعًا به. وإسناده صحيح.