للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإملاء على ظهور الناس، لكثرة الزحام في صلاة الجمعة، في حلقة الإملاء.

وما رأى الناس في زمانهم مجلسًا للحديث اجتمع فيه ذلك الجم الغفير، والعدد الكثير.

وسمعت من يذكر: أنه حزر العدد بالألوف. وذلك مع نباهة من حضر من الأعيان، وأماثل هذا الزمان، من النقباء، وقاضي القضاة والشهود والفقهاء. وكان يومًا مشهودًا، والناس إذ ذاك يسمعون، والكتبة يكتبون.

وحضرت أنا أكثر أماليه بجامع "المنصور".

[أخلاقه وزهده وورعه]

وصفه ابنه في الطبقات فقال: ومعلوم ما خصه الله به -مع موهبة العلم والديانة- من التعفف والصيانة، والمروءة الظاهرة، والمحاسن الكثيرة الوافرة، مع هجرانه لأبواب السلاطين، وامتناعه على ممر السنين: أن يقبل لأحدٍ منهم صلة وعطية، ولم تزل ديانته ديانته ومروءته لما هذا سبيل أبِيَّة.

وكان يقسم ليله كله أقسامًا: فقسم للمنام، وقسم للقيام، وقسم لتصنيف الحلال والحرام.

ولقد نزل به ما نزل بغيره من النكبات التي استكان لها كثير من ذوي المروءات، وخرج بها عن مألوفات العادات، فلم يحفظ عليه أنه خرج عن جميل عاداته، ولا طرح المألوف من مروءاته.

ومن شاهد ما كان عليه من السكينة والوقار، وما كسا الله وجهه من الأنوار، مع السكون والسمت والصالح، والعقل الغزير الراجح، شهد له بالدين والفضل ضرورة، واستدل بذلك على محاسنه الخفية المستورة (١).


(١) طبقات الحنابلة (٢/ ٢٠٣).

<<  <   >  >>