للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل الرابع جواز إطلاق تسمية الصورة عليه]

وقد بينا جواز ذلك في الخبر الذي قبله، وقد بينا أنه لا يمتنع إطلاق ذلك لا على وجه الأبعاض والجوارح، كما جاز إطلاق نفس وذات.

فإن قيل: ذكر الصورة يرجع إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويكون المعنى: رأيت ربي وأنا في أحسن صورة، كما يقول القائل: رأيت الأمير في أحسن صورة وزي (١).

قيل: هذا غلط، لأنه لم يُنقل أن صفة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تغيرت في تلك الليلة، ولو كان لنقل كما نقل غيره، من المخاطبة ووضع الكف وغير ذلك.

وعلى أنه قد روي في الخبر ما يمنع من هذا بقوله "رأيت ربي في صورة شاب على وجهه فراش وفي رجليه نعلان" ولو كانت الصفة راجعة إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال على وجهي وفي رجلي.

فإن قيل: فيحتمل أن تكون الصورة راجعة إلى الله تعالى، بمعنى أنه يُحسن خلق من يشاء كما يُقبح خلق من يشاء، لأن أفعل قد تجيء على معنى يفعل كما وصف نفسه بأنه "حكيم" والمراد به مُحكم لما يفعل.

قيل: هذا غلط، لأنه يُسقط فائدة التخصيص بتلك الليلة، لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يزل مشاهدًا لأفعاله في خلقه من تحسين وتقبيح، فحمله على هذا يسقط فائدة التخصيص بتلك الليلة.

فإن قيل: فيحتمل أن تكون الصورة راجعة إلى الله تعالى، بمعنى الصفة


(١) لا يخفى ما في هذا التأويل من تكلف وبعد، لا يوافق قائله شرعًا ولا عقلا ولا لغة. والخبر الذي ذكره المصنف "رأيت ربي في صورة. . ." سيأتي تخريجه وهو حديث منكر.

<<  <   >  >>