٤٠٩ - ناه أبو القسم بإسناده: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَانَ مَلَكُ الموتِ عليه السلام يأتي النَّاسَ عَيَانًا، فأتَى مُوسى فَلَطمه فَذَهَبَ بِعَينِه، فَعَرَجَ إلى رَبِّه فقال: بَعَثْتَني إلى مُوسى فَلَطَمَنِي فَذَهَبَ بِعَيني، وَلَولا كَرَامَتَه عليكَ لَشَقَقْتُ عَلَيه، قال: ارْجع إلى عَبْدي فَقُل فَلْيَضَع يَدَه على ثَوْرٍ، فَلَهُ بكلِّ شَعْرَةٍ وَارَتْ كفَّه سَنَةً يعيشها، قال: فَأَتاه فَبَلَّغَ ما أمره به، فقال: ما بعد ذلك؟ قال: الموت، قال: الآنَ، فَشَمَّةَ شَمَّةَ قَبَضَ رُوحَه فيها، وَردَّ الله على مَلَكِ الموْتِ بَصرَه، فكان بَعْدُ لا يأتي النَّاسَ إلا خِفيَةً". وفي لفظٍ آخر قال:"فَسَأَلَ ربَّه أنْ يُدْنَيه مِنَ الأرضِ المقَدَّسة رمية حجر" قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلَوْ كُنْتَ ثَمَّ، لأَرَيْتُك قَبْرَه إلى جَانبِ الطريقِ تحت الكثيب الأَحْمر".
اعلم أن هذا حديث صحيحٌ، يُحمل على ظاهره، وأن ذلك الفعل كان من موسى على الحقيقة، وأنَّه إدخالُ نَقْصٍ على جَارحةِ المَلَكِ ليكون محنةً للمَلْطُوم، إباحةً للاطم، بأنْ يكون الله عزَّ وجلَّ أَبَاحَه ذلك، لأنَّ لله تعالى أنْ يأمرَ بما يشاء من ذلك، ويأذن فيما شاء منه.
٤١٠ - وقد قال أحمد في رواية ابن منصور ومُهَنا: الحديث صحيح.
٤١١ - وقال في رواية ابن القسم: نحن نُقِرُّ به ونُصدِّقه على ما جاء في الأحاديث، وإنما يتكلم في هذا ويدفعه أهلُ الزِّيغ.
فقد نص أحمد على صحته والأخذ بظاهره، والوجه فيه ما ذكرناه.
وقد أنكر قَومٌ من أهل الإلحاد هذا، وقالوا: إنْ جاز على ملك الموت العَورَ؛ جاز عليه العمى، وقالوا: لعللَّ عيسى قد لَطَمَ عينه الأُخرى