للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدِيث آخَر

٢٨٥ - أخرجه أبو القاسم وأبو بكر الصِّبغي: عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَجْتَمِعُ النَّاس فَيَأتُونَ آدمَ، فَيَقُولُونَ: يا آدمَ، أَنْتَ الذِي خَلَقَكَ اللهُ بيدِه، ونَفَخَ فيكَ مِنْ رُوحِهِ" (١).

٢٨٦ - وروى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَقي آدمُ مُوسى فَقَال موسى: أَنْتَ الذي خَلَقَكَ اللهُ بيدِهِ: وأَسْكَنَكَ جَنَّتةَ، وأسْجَدَ لَكَ مَلَائكتَه، وَنَفَخَ فيكَ مِنْ رُوحِه، لم فعلتَ ما فعلت" وذكر الخبر (٢).

اعلم أنَّ مَا وَصَفَ الله تعالى به نفسه، من نفخ الرُّوح في آدم في كتابه بقوله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩] وَوَصفه به أنبياؤه صلى الله عليهم، فالمرادُ به الخَلْق، وأَضَافَ ذلك إليه وخَصَّه به على طريق التشريف، كما قيل: بَيتُ اللهِ وناقة الله، خُصَّ بذلك مِنْ جُملة المُسَمَّيات لفضله على ما سواه، وعلى هذا أضاف عيسى -عَلَيهِ السَّلامْ- فقال "روح الله" (٣).

وأفعاله تعالى غير واقعة على طريق المباشرة والتَوَلُّد، بل كلها ابتداءُ اختراع من قِبَلِ اللهِ، لا يقتضي حُدُوث شيء منها، لاسْتِحَالَة أنْ يكون جسمًا أو جَوهرًا فيتغير بما يُحْدُثُ فيه، أو يُجاوره مجاورة الأجسام.

وقد نَصَّ أحمد -رحمة الله عليه- على معنى هذا فيما خَرَّجه في "الرَّدُّ على الزَّنَادِقَةِ والجَهْميَّة" فقال: وأمَّا قوله جلَّ ثناؤه: {وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١] يقول: من أَمْره كما قال: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا


(١) رواه البخاري في التوحيد (١٣/ ٤٧٧ - ٤٧٩) ومسلم في الإيمان (١/ ١٨٠ - ١٨١) وغيرهما.
(٢) رواه البخاري في القدر (١١/ ٥٠٥) ومسلم في القدر (٤/ ٢٠٤٢ - ٢٠٤٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٣) الرد على الزنادقة (ص ٢٥٢ ط غراس).

<<  <   >  >>