للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّجوى يقول: "يُدْني المؤْمِنَ فيقول: أَتَعْرِف ذَنْب كَذَا؟ أَتَعْرفُ ذَنْبَ كَذا؟ " (١).

اعلم أنَّه غيرُ ممتنعٍ حمل الخبرِ على ظَاهِره، في إثبات وَصْفِهِ تَعَالى بالمنَاجَاة، كما جاز إطلاق وَصفه بالكلام.

وقد قيل: إنَّ المناجَاةَ هي مُخَاطبة المخاطب على الوجه الذي يَختَصُّ به الإنسان في سَمَاعِ الخطاب، فإذا وُصفَ اللهُ به، فالمراد به إسْمَاعُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ مَنْ أرادَ مِنْ خَلْقهِ، من غير أنْ يَتَشَاركوا في استماع ما يستمعون (٢).

وهكذا معنى النَّجوى يومَ القيامة. لأنَّه يُسْمِعُ من يشاء مِنْ خَلْقِهِ خطابه على التخصيص بالخطَاب، من غير أنْ يشركه في سماع ذلك غيره.

٢٨٤ - وهو نحو ما روي: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "مَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ إلا وسَيَخْلُوا اللهُ به يَومَ القِيَامَة، ليس بَيْنه وبَيْنَه تُرْجُمان" (٣).

والمراد به هو أَخْفَى الخِطاب من غير أنْ يسمع من غيره.

* * *


(١) سبق تخريجه.
(٢) في النهاية لابن الأثير (٥/ ٢٥): المناجي المخاطب للإنسان والمحدَّث له، يقال: ناجاه يناجيه مناجاة، فهو مناج والنجي: فعيل منه.
ومنه الحديث: "لا يتناجى اثنان دون الثالث": أي لا يتساران منفردين عنه، لأن ذلك يسوؤه انتهى.
قلت: هذا دال على قرب العبد المؤمن من ربه يوم القيامة.
(٣) رواه البخاري في الرقاق (١١/ ٤٠٠) ومسلم في الزكاة (٢/ ٧٠٣ - ٧٠٤) من حديث عدي بن حاتم -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>