أنه مما يؤخذ على القاضي أنه يظن في بعض الأحيان صحة بعض الأصول العقلية لنفاة الصفات، ويقول في بعض نصوص الصفات: إنها تُجري على ظاهرها، وتُحمل على ظاهرها، ومع هذا فلا يعلم تأويلها إلا الله أي يفوض علم معناها إلى الله، فيتناقض حيث يثبت لها تأويلا يخالف ظاهرها، ويقول -مع هذا- أنها تحمل على ظاهرها. وتفويض علم المعنى ليس هو طريقة السلف، وإنما طريقتهم تفويض الكيفية فقط. وهذا ما أنكره ابن عقيل على القاضي في كتابه هذا (١).
خلاصة القول:
أن الرجل شيخ من شيوخ الحنابلة، المتبعين لإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل -رَحِمَهُ اللهُ- تعالى، وهو (أي القاضي) من أهل الإثبات للصفات، والتسليم للنصوص من غير تعطيل ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تأويل، بل كتابه هذا مؤلف للرد على نفاة الصفات والمأولين لها، المحرفين لمعانيها، من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة ومن تابعهم.
أما القليل الذي وافق فيه المتكلمين -من نفي أو إثبات أو تفويض- مما يخالف كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو نهج أصحابه ومن تابعهم بإحسان، فنحن لا نقرُّه عليه، بل نردُّه ولا نقبله، والاعتبار من كلامه وكلام غيره بما يوافق الدليل، والله تعالى أعلم.
[وفاته]
توفي ليلة الاثنين بين العشائين، تاسعة عشر رمضان من سنة ثمان وخمسين وأربع مئة، وصلى عليه ابنه أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور.