وهؤلاء كلامهم نافع في معرفة تناقض المعتزلة وغيرهم، ومعرفة فساد أقوالهم. وأما في معرفة ما جاء به الرسول، وما كان عليه الصحابة والتابعون، فمعرفتهم بذلك قاصرة، وإلا فمن كان عالمًا بالآثار، وما جاء عن الرسول، وعن الصحابة والتابعين، من غير حسن ظنٍّ بما يناقض ذلك، لم يدخل مع هؤلاء: إما لأنه علم من حيث الجملة أن أهل البدع المخالفين لذلك مخالفون للرسول قطعًا، وقد علم أنه من خالف الرسول فهو ضال، كأكثر أهل الحديث، أو علم مع ذلك فساد أقوال أولئك وتناقضها، كما علم أئمة السنة من ذلك ما لا يعلمه غيرهم، كمالك، وعبد العزيز الماجشون، وحماد بن زيد، وحمَّاد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وابن المبارك، ووكيع بن الجرَّاح، وعبد الله بن إدريس، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعاذ بن معاذ، ويزيد بن هارون الواسطي، ويحيى بن سعيد القطان، وسعيد بن عامر، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي عبد الرحمن القاسم بن سلَّام ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجَّاج النيسابوري، والدارمِيَّيْن: أبي محمد عبد الله ابن عبد الرحمن، وعثمان بن سعيد، وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين، وأبي داود السجستاني، وأبي بكر الأثرم، وحرب الكرماني، ومن لا يحصى عدده إلا الله من أئمة الإسلام، وورثة الأنبياء، وخلفاء الرسل.
فهؤلاء كلهم متفقون على نقيض قول النفاة، كما تواترت الآثار عنهم، وعن غيرهم من أئمة السلف بذلك، من غير خلاف بينهم في ذلك اهـ (١).