للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفس العطاء، والعطاء مخلوق، فأمَّا الإعطاء فهو صِفَةُ المُعطي فهو قديم، فعلى هذا يجوز أنْ يُقال: يا قديم الإعطاء، فإذا كان كذلك، فالإحسان صفة المحسن، والمحسن به غير الإحسان، فهو محدث.

فَصْلٌ

والصفات المتعلقة بالفِعل نحو الاستواء على العرش، والنُّزول إلى السماء، والمجيء في ظُلَلٍ من الغمام، ووضع القدم في النَّار، ووضع السَّمَاوات على إصْبع، والغَضَب والرِّضَا، والضَّحِك، والخَلْق والرِّزق، إلى أمثال ذلك، لا يمتنع أنْ نقول إنها صفات ذاتٍ، تَتَجَدَّد له بتجدّد أسبابها، كالإدراك وهو النظر إلى المحدثات، وهو صفة ذات، تَتَجَدَّد له بتجدّد المُدْرَكات المرئيات (١).

ولا يجوز لبعض المعتزلة أنْ يَقول: إنَّ الإدراك معناه معنى العلم، لوجهين:

أحدهما: أنَّ هذا القائل يقول بأنَّ الله مَعلومٌ وليس بمدرك ولا مرئي، فامتنع أنْ يكون معنى الإدراك معنى العلم (٢).


(١) أفعال الله تعالى نوعان: لازم، ومتعدَّ. فالأفعال اللازمة هي التي تقوم بالفاعل، والأفعال المتعدية هي التي تتعدى إلى مفعول.
وقد ذكر الله تعالى النوعين في قوله سبحانه {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فخلق السماوات والأرض فعل متعد، واستواؤه على عرشه فعل لازم. انظر شرح الطحاوية عند قول الطحاوي: "ذلك بأنه على كل شيئ قدير" (ص ٩٠ - ٩٦) بشرحنا، ومجموع الفتاوى (١٨/ ٧) (٨/ ١٨ - ٢٧) لشيخ الإسلام.
(٢) نعم لا يجوز تفسير الرؤية والبصر لله تعالى بالعلم؟! بل هو تحريف للصفة الثابتة بالأدلة الكثيرة، من القرآن والسنة النبوية وقد سبق كلام المصنف عليها مع التعليق في الجزء الثاني (ص ٣٣٧ - ٣٣٩). وانظر الكلام على معنى قوله تعالى {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: ١٠٣]. وفي تفسير ابن كثير (٢/ ١٣٩ - ١٤١). وقال: {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} أي: يحيط بها، ويعلمها على ما هي عليه، لأنه خلقها كما قال {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

<<  <   >  >>