للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[حديثٌ آخر]

٤٣٤ - رواه ابن فُورك (١) ثم رأيته بعد ذلك في "غريب الحديث" لابن قتيبة فقال: حدثنيه أبو الخطاب زياد بن يحيى بن حَسَّان قال: نا أبو عتاب عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي قال: حدثني عدي بن ثابت عن البراء بن عَازِب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ فُلَانًا هَجَاني وَهُوَ يَعْلَم أنِّي لَسْتُ بشَاعِرٍ، فاهْجُهُ اللهمَّ، والْعَنْه عَدَدَ مَا هَجَاني" (٢).

وتكلم على تأويله فقال: قوله: "اللهم اهجه" أيْ جَازِهِ على الهجاء كما قَالَ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]، وقال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ} [البقرة: ١٩٤]. وليس الثاني اعتداء ولا سيئة في الحقيقة، وإنما سُمِّيَ باسمه لَمَّا كان جزاء له. وكذلك قوله: {يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٥]. وقوله: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: ٧٩].

ومنه قول الشاعر (٣):

ألا لا يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَينَا … فَنَجْهل فَوقَ جَهْلِ الجَاهِلينَا

فسمى الجزاء على الجهل جهلًا، كذلك قوله: "فاهجه اللهم" أي جَازِه على هجائه بعقوبة تحلها به.

واعلم أنَّه غيرُ ممتنعٍ على أصلنا إطلاقُ "الهجو" عليه سبحانه، لأنَّه الهجو


(١) "مشكل الحديث" لابن فورك (ص ١٤٥) معلقًا دون إسناد.
(٢) لم أره في المطبوع من "غريب الحديث" في مظانِّه.
وإسناده حسن، رجاله ثقات سوى أبي عتاب وهو سهل بن حماد العنقزي أبو عتاب الدلال البصري، قال أحمد: لا بأس به، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صالح الحديث شيخ "التهذيب".
(٣) هو عمرو بن كلثوم التغلبي.
والبيت من معلقته، انظر "شرح المعلقات السبع" للزوزني (ص ١٠٢).

<<  <   >  >>