للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفصل الثاني في إثبات رؤيته لله سبحانه في تلك الليلة]

٩١ - وقد اختلفت الرواية عن أحمد في ذلك: فروى أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد الله: إن قومًا يقولون إن عائشة قالت: من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية (١). فبأي شيء تدفع قول عائشة؟ قال: بقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "رأيت ربي" وقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكبر من قولها.


(١) أخرجه مسلم (١/ ١٥٩) والترمذي (٥/ ٢٦٢ - ٢٦٣) وابن جرير في تفسيره (٢٧/ ٣٠) عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال: كنت متكئًا عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة: ثلاثٌ من تكلم بواحدةٍ منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت: ما هن؟ قالت: من زعم أن محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال وكنت متكئًا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين! أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)} [التكوير: ٢٣]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} [النجم: ١٣]، فقالت: أنا أولُ هذه الأمةِ سأل عن ذلك رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "إنما هو جبريل، لم أرهُ على صُورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطًا من السماء سادًّا عِظَمُ خلقه ما بين السماء إلى الأرض"، فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)} [الأنعام: ١٠٣]، أولم تسمع أن الله يقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)} [الشورى: ٥١].
وفي البخاري (٨/ ٦١٠) ومسلم (١/ ١٥٨) سألت زرّ بن حبيش عن قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)} [النجم: ٩]، قال: أخبرني عبد الله بن مسعود: أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى جبريل له ستمائة جناح"، وفي مسلم أنه فسَّر قوله تعالى {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} وقوله {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)} بأنه جبريل، وفيه أيضًا أن أبا هريرة فسَّر {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} بأنه جبريل.
فهذا هو الصواب في هذه المسألة، والمصنف قد أخطأ في قوله إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه عيانًا. وانظر كلام ابن تيمية عن هذا في المقدمة.

<<  <   >  >>