٩٢ - وقيل له: إن رجلًا يقول: أنا أقول أن الله يُرى في الآخرة، ولا أقول إن محمدًا رأى ربه في الدنيا، فقال: هذا أهل أن يُجفى، ما اعتراضه في هذا الموضوع؟ يُسَلِّم الخبر كما جاء. وظاهر هذا من كلامه إثبات الرؤية في ليلة المعراج، وهذه الرواية اختيار أبي بكر النجاد، وأنا أحكي كلامه في آخر الفصل.
٩٣ - ونقل حنبل قال: قلت لأبي عبد الله النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه؟ قال: رؤيا حلم رآه بقلبه. وهذا يقتضي نفي الرؤية في تلك الليلة؟
٩٤ - ونقل الأثرم: عن أحمد أنه حكى له قول رجل يقول: رآه ولا أقول بعينه ولا بقلبه، فقال أبو عبد الله: هذا حسن (١).
وظاهر هذا إطلاق الرؤية من غير تفسير بعين أو قلب، والرواية الأولى أصح، وأنه رآه في تلك الليلة بعينيه.
وهذه المسألة وقعت في عصر الصحابة، وكان ابن عباس وأنس وغيرهما يثبتون رؤيته في ليلة المعراج، وكانت عائشة تُنكر رؤيته بعينه في تلك الليلة، والدلالة على إثبات رؤيته قوله تعالى {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ}[الشورى: ٥١] فوجه الدلالة أنه تعالى قسم تكليمه لخلقه على ثلاثة أوجه: أحدها: بإنفاذ الرسل، وهو كلامه لسائر الأنبياء والمكلفين. والثاني: من وراء حجاب هو تكليمه موسى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وهذا الكلام بلا واسطة، لأنه لو كان بواسطة دخل تحت القسم الذي ذكرنا، وهو إنفاذ الرسل.
(١) في طبقات الحنابلة (١/ ١٤٥): قال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله يقول: من زعم أن الله لا يُرى في الآخرة، فقد كفر بالله وكذب بالقرآن، وردّ على الله أمره، يُستتاب فإن تاب وإلا قُتل، والله تعالى لا يُرى في الدنيا، ويُرى في الآخرة.