للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث: من غير رسولٍ ولا حجابٍ، وهو كلامه لنبينا في ليلة الإسراء إذ لو كان من وراء حجاب أو كان رسولًا، دخل تحت القسمين، ولم يكن للتقسيم فائدة، فتثبت أنه كان كلامه له عن رؤية.

ويدل عليه قوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)} [النجم: ١٠] أي كلمه بما كلمه بلا واسطة ولا ترجمان (١) {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} [النجم: ١١] فالظاهر يقتضي أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما رأى الله بعيني رأسه ليلة المعراج عند سدرة المنتهى لم يكذب فؤاده ما رآه بعيني رأسه.

٩٥ - ويدل عليه: ما حدثناه أبو القسم عبد العزيز قال نا علي بن عمر بن علي أبو الحسن التمار قال نا أبو بكر عمر بن أحمد بن أبي معمر الصفار قال حدثنا يوسف بن أحمد بن حرب بن الحكم الأشعري البصري قال نا روح بن عبادة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} [النجم: ١٣] قال رأيت ربي جلّ اسمه مشافهةً لا شك فيه، وفي قوله {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤)}


(١) قال ابن جرير (٢٧/ ٢٨): اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: معناه فأوحى إلى عبده محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحيه، وجعلوا قوله "ما أوحى" بمعنى المصدر.
وقال آخرون: بل معنى ذلك فأوحى جبريل إلى عبده محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما أوحى إليه ربه، وقد يتوجه هذا التأويل "ما" لوجهين: أحدهما: أن تكون بمعنى الذي، فيكون معنى الكلام: فأوحى إلى عبده الذي أوحاه إليه ربه، والآخر: أن تكون بمعنى المصدر.
ثم قال: وأولى القولين في ذلك عندنا بالصواب، قول من قال: معنى ذلك فأوحى جبريل إلى عبده محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما أوحى إليه ربه، لأن افتتاح الكلام جرى في أول السورة بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وقوله "فأوحى إلى عبده ما أوحى" في سياق ذلك ولم يأت ما يدلّ على انصراف الخبر عنهما، فيوجه ذلك إلى ما صرف إليه.

<<  <   >  >>