للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأنَّ الإشتقاق من القدرة، قَدَرَ يَقْدِرُ فهو قَاِدرٌ، وكما لا يجوز أنْ يقال: قدر فهو خالق، كذلك لا يجوز أنْ يقال: خلق فهو قادر.

[فصل]

ويجوز وصفه بأنَّه قديم الإحسان (١).

٣٠٧ - وقد ذكر ابن إسحاق هذا ونصَّ عليه في أثناء الكلام في هذه المسألة، خلافًا للأشعرية في قولهم لا يجوز وصفه بذلك.

دليلنا أنَّ هذا مبني على ما تقدم، وأنَّ الإحسان صِفَةٌ قديمة، فما دَلَّلْنَا به هناك فهو دلالة ها هنا.

ويدل عليه أيضًا قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: ١٠١] فوصف إحسانه إليهم بالسبق في القِدم، فدل على قدمه.

٣٠٨ - وروى أبو حفص بن شاهين في مسألة عملها في جواز القول: يا قَدِيَم الإحْسَان، فقال نا محمد بن سليمان الحراني قال نا الحسين بن محمد بن


(١) لم يرد قوله: "قديم الإحسان" في حديث مرفوع صحيح، وإنما ورد في أدعية جماعة من أهل العلم، كابن القيم في حادى الأرواح (١/ ٢٦٤) إذ قال: فإنه سبحانه وتعالى دائم المعروف، لا ينقطع معروفه أبدًا، وهو قديم الإحسان. ويقول الامام النووي في الأذكار (١/ ٥٣٦) باب الدعاء والتضرع: "ويقول يا قديم الإحسان، يا من إحسانه فوق كل إحسان، يا ملك الدنيا والآخرة … ".
وقد ورد في السنة وصف بعض صفات الله تعالى بالقدم، ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم، وبوجه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم". فإذا قال ذلك، قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم" رواه أبو داود في الصلاة (٤٦٦) عن ابن المبارك عن حيوة بن شريح قال: لقيت عقبة بن مسلم فقلت له: بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو .. فذكره وإسناده حسن. وقوله "وسلطانه" أي: غلبته وقدرته وقهره العباد على ما أراد. وقوله "القديم" أي: الأزلي الأبدي، وعلى هذا فيصح وصفه تعالى بذلك.

<<  <   >  >>