٢١٩ - ناه أبو القاسم بإسناده: عن عبد الله بن عمر أن أَتَاهُ رجلٌ فقال: كيف سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في النَّجوى؟ قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"يُؤْتى بالمؤْمن يوم القيامة فيُدْنيِه الله تعالى منه، فَيَضَعُ كَنفَه عليه حتى يستره من النَّاس، فيقول: عبدي أتعرفُ كذا وكذا مرتين، فيقول: نعم، حتى إذا قرَّرَه بذُنُوبه كُلها، ورأى نفسه أنَّه قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أَغْفرها لك اليوم" وقد ذكره البخاري ومسلم في الصحيحين (١).
اعلم أنَّ الكلام في هذا الخبر في فصلين: أحدهما في الدُّنو، والثاني في وَضْع كنَفَهَ عليه.
فأما قوله "يُدني عبده" فغير مُمتنع حمله على ظاهره، وأنَّه دُنو من ذاته.
٢٢٠ - وقد أخذ أحمد بظاهره في رواية أبي الحرث وقد سأله: ما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "إن الله يُدْني العبدَ يوم القيامة فيضع عليه كنفه" كما قال ونقول به.
فقد نص أحمد على الأخذ بظاهره من غير تأويل، وإنما قال ذلك لأنَّه ليس في حمله على ذلك ما يُحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لأنَّا لا نصفه بالإنتقال من مكانٍ إلى مكان، وعلى هذا يُحمل قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩)} [النجم: ٨ - ٩] وأنَّ المراد بالدنو دنوه من الذات.
فإن قيل: في حمله على ذلك ما يُفضي إلى إحالة صفاته وإخراجها عما تستحقه، لأنه تستحيل المساحة والمسافة، وبعد المكان والنهاية عليه سبحانه.