للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُخبرُ السَّيدُ عن نَفسِهِ ويُريد عَبده إكرامًا له وتعظيمًا، وعلى هذا يُحمل قوله {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٥٧]، معناه: أولياءُ الله ورُسله، وكذلك قوله تعالى {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥]، أي آسفُوا أولياءنا والنَّاصرين لديننا، لاستحالة أن يُؤْذَى ويُحارب (١).

وأمَّا قوله "لو عُدْته لوَجَدْتني عنده" معناه، وجدت رحمتي وفضلي وثوابي وكرامتي في عيادتك له.

٢١٧ - يُبْين صحة هذا: ما حدثناه أبو القسم بإسناده: عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنا عند ظنِّ عَبْدي، وأَنَا معه، إنْ تَقَرَّبَ إليَّ ذراعًا تَقَرَّبَ الله إليه بَاعًا، ومن جاء يمشي أَقْبَلَ الله إليه بالخير يُهرول" (٢) فَبُيِّنَ في هذا


(١) وبمثله قال البيهقي في الأسماء (ص ٢٢٠ - ٢٢١).
قال ابن جرير (٢١/ ٣٢) في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}: إن الذين يؤذون ربهم بمعصيتهم إياه وركوبهم ما حرم عليهم. اهـ.
وبنحوه قال ابن كثير (٣/ ٥١٧)، وقال البغوي (٥/ ٢٧٦): وقيل معنى (يؤذون الله) يلحدون في أسماءه وصفاته. فالصواب إمرار النص على ظاهره.
(٢) كذا الحديث في الأصل وفيه اختصار.
وقد أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٢٥١، ٤١٣) والبخاري (١٣/ ٣٨٤) ومسلم (٤/ ٢٠٦١) من طرق عن الأعمش عن أبى صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقول الله عزَّ وجلَّ: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرتي في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملاءٍ، ذكرته في ملاءٍ خيرٌ منهم، وإن تقرَّب مني شبرًا، تقرَّبت إليه ذراعًا، وإن تقرَّب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة".
وأخرجه أحمد (٢/ ٥١٦، ٥١٧، ٥٢٤، ٥٣٤ - ٥٣٥) ومسلم (٤/ ٢١٠٢) عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا بنحوه.
وله طرق اْخرى عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وأنس يطول ذكرها.

<<  <   >  >>