للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمع، كما لم يستوحش من إطلاق ذلك في غيره من الصفات.

فإن قيل: معنى الفرح ها هنا معنى الرضا، ومنه قوله تعالى {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣] أي: راضون، لأنَّ من سُرَّ بالشيء فقد رَضِيَه، ويقول هو فرح به بمعنى هو راضٍ به فيكون معناه: أنَّ من وَفَّقَه الله للتوبة من معاصيه، فقد رضي أن يكون مُثَابًا على الخير مقبولًا منه الطاعة والعبادة (١).

قيل: هذا غلطٌ، لأن هذا القائل عنده أنَّ الرضا بمعنى الإرادة، وإرادة الله سبحانه لا تختص ما ذكر في الخبر من التوبة، لأنَّ ضد التوبة مما كان عليه قبل ذلك، كان الله مُريدًا له، على أنه لا يمتنع أن يكون معنى ذلك ما قالوه وكذلك القول في البَشْبَشَة، لأنَّ معناه يُقارب معنى الفرح، والعرب تقول: رأيتُ لفلان بَشَاشَةً وهشاشةً وفرحًا، ويقولون: فلانٌ هشٌ بشٌ فرحٌ، إذا كان منطلقًا (٢)، يجوز إطلاق ذلك كما جاز إطلاق الفرح.

وقد ذكر ابن قتيبة هذا الحديث في كتاب "الغريب" وقال قوله "يبشبش" من البشاشة وهو يتفعَّل (٣).

فحمل الخبر على ظاهره ولم يتأوله.

* * *


(١) انظر "مشكل الحديث" لابن فورك (ص ٦٤).
ونقل البيهقي في الأسماء (ص ٤٧٧) عن الخطابي نحوه، ونقله عن أبي الحسن علي بن محمد الطبري (ص ٤٧٧ - ٤٧٨) ونقل نحوه الحافظ في الفتح (١١/ ١٠٦) عن الخطابي وابن أبي جمرة والقرطبي في "المفهم".
(٢) الصحاح (٣/ ٩٩٦)، وفيه: قال يعقوب يقال: لقيته فَتَبَشْبَش بي، وأصله تَبَشَّشَ، فأبدلوا من الشين الوسطى فاء الفعل، كما قالوا: تجفجف.
(٣) "غريب الحديث" (١/ ٤١٤)، وفي الأصل: تفعل، والتصويب من الغريب.

<<  <   >  >>