للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فدلَّ هذا على أنَّ المراد بذلك التَّضْعيف، ولا يكون المراد به السَّير وإنّما سَمَّاه ذلك تَوسعًا كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} [سبأ: ٥]. والسَّعْي هو العَدْو والإِسْراع في المشي، وليس ذلك بمراد أنهم مَشَوا، بل المراد بذلك استعجالهم المعاصي، ومبادرتهم إلى فعلها، كذلك ها هنا، والذي يَدلُّ على صحة هذا التأويل ما تقدم في حديث أبي هريرة: "ومَنْ جَاء يَمْشي أقْبلُ الله إليه بالخير يُهرول" وقد ذكرنا إسناده (١) وهذه لفظه زائدة قضينا بها على غيرها من الألفاظ المطلقة.

ويعضد ذلك تفسير السلف:

٤٢١ - وهو ما: نا أبو عبد الله بن البغدادي عن ابن مالك عن عبد الله بن أحمد عن أحمد بإسناده: عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه ذكر الحديث قال قتادة: "والله أسْرَعُ بالمغْفِرة" (٢).

ويُفارق هذا ما تقدَّم من أخبار النُّزول إلى السَّماء الدنيا، ومجيئه في ظُلَلٍ من الغَمام، وأنّها محمولة على ظاهرها في نُزول الذات ومجي الذات، لا على وجه الانتقال، ولم يَجُزْ تأويله على نزول ثوابه وكراماته، لأنَّه لم يَردْ في ألفاظه ما دلَّ عليه، وها هنا قد جاء التفسير من النبي - صلى الله عليه وسلم - فلهذا حملناه عليه.

* * *


(١) وهو المتقدم برقم (٣) من هذا الفصل.
(٢) تقدم تخريجها برقم (١) من هذا الفصل.

<<  <   >  >>