للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعلم أنَّه غير ممتنعٍ حَمل الخبر على ظاهره، في جواز دخوله عليه الجنة، على وجهٍ لا يُوجب الجهة والحد، كما جاز وصفه بالاستواء على العرش لا على معنى الجهة، وجواز رُؤيته في الآخرة لا في جهة، ولأنَّه قد قال: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: ٣٠]. فإذا جاز إطلاق الوقوف عليه؛ كان إطلاق الدخول عليه أولى.

وأما الصفة التي ذكرها، فقد تقدم في أول الكتاب ذِكرها في حديث ابن عباس وأمِّ الطُّفيل، وبَينَّا أنَّه غير ممتنعٍ إطلاق ذلك عليه، لا على وجه التشبيه والأبعاض والأجزاء، بل نُطلقُ ذلك صِفَةً، كما أطلقنا صِفَةَ الوجه واليدين والعين ونحو ذلك، لا على وجه الأبعاض والأجزاء، بل نُطْلقُ ذلك صفةً، كما أطلقنا صفةَ الوجه واليدين والعين ونحو ذلك، لا على وجه الأبعاض والأجزاء.

فإن قيل: قوله: "دخلت على ربي" معناه: دخلت دار ربي وجنَّة ربِّي بتقريبه لي وإكرامه إيَّاي، كما يقال في الموسم: أَتَيناكَ ربِّنا شُعْثًا غُبْرًا من كلِّ فجٍ عَميقٍ لتغفر لنا، ويقال: أَقْبَلَ الله على فلان بالكرامة، وأقبل فلانٌ على الله بطاعته، وكما يقال: دَخَل فلان على رأي فلان، ويقال: دخل عليَّ فلانٌ في منزلي، لا أنَّه دخل على بَدَنه، وإنما المعنى دخل داره (١).


= قال الذهبي تعليقًا عليه: قلت: الصواب الكفُّ عن إطلاق ذلك، إذ لم يأتِ فيه نصٍّ، ولو فرضنا أن المعنى صحيح، فليس لنا أنْ نَتَفَوَّه بشيءٍ لم يأذن به الله، خوفًا من أن يَدْخلَ القلبَ شيء من البدعة، اللهم احفظ علينا إيماننا. أهـ
سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٨٥ - ٨٦).
قلت: ما أروع هذه الكلمات الموفقات، ورحم الله امرأً قال بعلمٍ فغنم، أو سكت عما لا يعلم فَسلم.
(١) انظر هذه التأويلات الفاسدة في "مشكل الحديث" (ص ١٥٠ - ١٥١).

<<  <   >  >>