قيل: هذا لا يصحّ، لأنَّ في خبر ابن عمر:"يُجلسه مَعَه على السرير" وفي حديث ابن مسعود: يُقعده على كرسيه" فقيل له: إذا كان على كرسيه أليسَ هو مَعَه؟ فقال: "ويلكم هذا أقرُّ حديثٍ لعيني".
وعلى أنَّه ذكر العرش بالألف واللام، وهناك عرشٌ معهود، وهو عرش الرحمن بقوله تعالى:{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}[الحاقة: ١٧].
وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥]. والألف واللام ينصرفان إلى المعهود، فلم يصح هذا التأويل.
فإن قيل: قوله: "يقعده" معناه يرفعه أرفع المقاعد عنده، وهو معه بالنُّصرة والمعُونة والمقاعد المقربة من الله تعالى، كما قال:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: ٤٠]. وكما قال:{أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: ٤]. على معنى: النُّصرة والمعونة.
قيل: هذا غلطٌ، لوجوه:
أحدها: أن الخبر أفَادَ رفعه على صِفَةٍ وهو القعود على العرش والكرسي.
والثاني: أنَّه قال: "يقعده معه" ولفظة "مع" في اللُّغة للمقاربة.
الثالث: أنَّه لم يزل ناصرًا له ومُعينًا ورافعًا، فَوَجَبَ حمل هذه الفضيلة على فائدة مُجدَّدة تختص بذلك اليوم.
الرابع: أن هذا يُسقط فائدة التخصيص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنَّه قد نَصر موسى ورَفَعه وغيره من الأنبياء، فأمَّا قوله:{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}
= رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستوجب من الله - عز وجل - هذه المنزلة في حديث مجاهد فهو عندنا جهمي! … إلى قوله ناقلًا عن الجهمي قوله: ليس هذا عرش رب العالمين إنما هو مثل عرش بلقيس وعرش من العروش، شبَّه عرش الآدميين بعرش الرحمن .. - عز وجل -.