وقيل: إنَّه يتجدد له صفة يثقل بها على العرش، ويزول في حال، كما تَتَجدَّدْ له صفة الإدارك عند خلق المدرَكات، ويزول عند عدم المدركات.
فإن قيل: ذلك مَحْمولٌ على ثِقَل عَظَمتِهِ وهَيْبته في قلوبهم، ومَا يَتَجَدَّد لهم في بعض الأحوال من ذكر عظمته وعزته، كما يقال: قد ثقل عليَّ كلامَك، وليس ثقل الكلام كثقل الأجسام، ويقال: الحقُّ ثَقيل مُرّ، وليس المراد به ثقل الأجسام، وقال سبحانه {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)} [المزمل: ٥].
قيل: هذا غَلَط، لأنَّ الهيبة والتَّعظيم مُصَاحب لهم في جميع أحوالهم ولا تجوز مفارقتها لهم، ولهذا قال تعالى {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)} [الأنبياء: ٢٠] وما ذكروه من قول القائل: الحقُّ ثَقيل، وكلامُ فُلان ثَقيل، فإنما (١) لم يحمل على ثقل ذات، لأنَّها معاني، والمعاني لا تُوصف بالثقل والخفة، وليس كذلك ها هنا، لأن الذات ليستْ معاني ولا أعراض فجاز وصفها بالثقل، وأمَّا قوله {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)} [المزمل: ٥] فقد فَسَّره أَهْلُ النَّقل أن المراد به ثقل الحكم، ولأن الكلام ليس بذات.
فإن قيل: يحمل على أنه يَخلُقُ في العَرش ثِقَلًا على كَوَاهِلهِم، وجعل لذلك أمارة لهم في بعض الأحوال إذا قام المشركون.
قيل: هذا غلط، لأنَّهُ يُفضي إلى أَنْ يثقل عليهم بكفر المشركين، ويُخفَّف عنهم بطاعة الطائعين، وهذا لا يجوز لما فيه من المؤَاخَذَهِ بفعل الغير، وليس كذلك إذا حَملناه على ثِقَل الذَّات، لأنَّه لا يُقضى إلى ذلك، لأن ثقل ذاته .. عليهم تَكْليف لهم، وله أن يثقل عليهم في التكليف ويخفف.