للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإنْ قيل: قوله "يسجد على قدم الرحمن "معناه على ما قدَّم الرحمن، ألا ترى إلى قوله تعالى {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: ٢] فهذه القَدَمُ الصِّدق، هي ما قدَّمه العابد من خيرٍ مَهَّدُوه لأنفسهم.

قيل: هذا غلط لوجهين:

أحدهما: أنَّه يُسقط فائدة التخصيص بالسجود، ولأنه يركع أيضًا على ما قدم، ويقف على ما قدم، فوجب أن يكون لهذا التخصيص فائدة.

الثاني: أن هذا الخبر قُصِدَ به تعظيم حال السُّجود، وأنَّه يكون فيه قريبًا (١) من الله سبحانه، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أَقْرَبُ مما يكونُ العَبْدِ من الله وهو ساجد" (٢) وإذا كان هذا معناه لم يصح التَّأويل، لأنَّه يُسْقِط معنى التَّعظيم.

وأما قوله تعالى {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} [يونس: ٢] ومعناه: ما قَدَّمُوه، فلا يُشبه ما ذُكِرَ في الخبر، لأنَّه أَضاف القَدَمَ إليهم بقوله {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} [يونس: ٢] وها هنا أضافَ القَدَمَ إليه، كما أضاف اليد إليه بقوله "خَلَقَ آدمَ بيده" والحديث المعروف في السُّجود، وإنما هو بذكر القَدَم على ما رويناه.

فأمَّا ما روي أَنَّه "يسجد على رجْل الرَّحمن" فلا يصحُّ.

٤٨٥ - قال أبو بكر عبد العزيز في جوابات مسائل فيما رأيته بخط ابن حبيب وما ذُكر "أن العَبد إذا سَجَدَ سجَدَ على رِجْل الرَّحمن" "ويضع رَأْسه على رِجْل الله" فهذان حديثان لا نعرفهما، والصحيح: أن العبد إذا سَجَد كان أقرب إلى ربه عَزَّ وجَلَّ، وأنَّ العبد إذا سجد أقبل الله عليه بوجهه.

* * *


(١) في الأصل: قريب، وهو خطأ.
(٢) رواه مسلم في الصلاة (١/ ٣٥٠) وغيره من حديث أبي - رضي الله عنه - وتمامه: فأكثروا الدُّعاء".

<<  <   >  >>