للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى هذا قوله تعالى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] وقوله {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الروم: ٣٩] والمراد به الله الذي له الوجه، فحذف المضاف (١).

فإن قيل: ذكر الوجه ها هنا والمرادُ به التَّوَجُّهِ نحو الشيء، والقَصْد إليه.

قيل: هذا غلط، لأنَّه قد ثَبَتَ بما ذكرنا فيما قبل إثبات الوَجْه، وأنَّه صفة لذاته فلا معنى لتأويله، لأنَّه يُفضي إلى إسْقَاط الصِّفة، ويكون تقدير الكلام ما ذكرنا من أن هناك محذوف مُقدَّر.

* * *


(١) قوله تعالى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي: أينما تولوا وجوهكم من الجهات بأمر الله تعالى، سواء أمركم باستقبال الكعبة بعد أن كنتم مأمورين باستقبال بيت المقدس. {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} فيه إثبات الوجه لله تعالى، على اللائق به تعالى، ولا تشبهه الوجوه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} (الشورى: ١١) انظر تفسير ابن كثير (١/ ١٠٣ - ١٠٤) بتهذيبنا وتفسير السعدي.
أما قوله تعالى {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} أي: وما أعطيتم من زكاة وصدقة تطهركم من البخل وتطهر أموالكم، تريدون بذلك وجه الله تعالى، لا الرياء ولا السمعة، فإن الله تعالى سيضاعف لكم الأجر، ويربي لكم الصدقات، حتى تكون شيئًا كثيرًا، والآية أيضًا فيها إثبات صفة الوجه لله سبحانه، كما لا يخفى.

<<  <   >  >>