للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل نُطلق هذه الصِّفة كما أطْلَقْنَا وصْفَه بالإرادة، كذلك ها هنا (١).

فإنْ قيل: معنى الغَضب هو إرادته العُقُوبة لأهلها! (٢).

قيل: هذا غلط لما بَيَّنَا، وهو أنَّ إرادته قد تَتَضمَّن ما يَقْتَضي الغَضب، وما يَقتضي الرِّضَا، فلا يصح حمله على ذلك.

فأمَّا قوله "اشتد غضبه" فلا يمتنع وصفه بذلك على وجه لا يفضي إلى التَّزايد، لأنَّ صفات الذَّات لا توُصف بالتَّزايد كما قال {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: ١٣] وقد وصف نفسه بالقوة الشديدة، وإنْ كانت القُوة من صِفَات الذات، وكذلك قوله {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢)} [البروج: ١٢] فوصفه بالشِّدة.

وقد تأولوا ذلك على أنَّ التَّزايد يرجع إلى الأفعال الصَّادرة عن الإرادة.

وهذا غلط، لما بينَّا أنَّها من صِفات ذَاته.

وكذلك يجوز وصفه بالسُّخْطِ، قال تعالى {سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٨٠] وقد تأولوا السُّخْط على نحو تأويلهم الغضب.

* * *


(١) غضب الله تبارك وتعالى من صفات فعله، التي تتعلق بها مشيئته، وهي ثابتة كما قال المصنف بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.
(٢) نعم هذا تأويل فاسد!
وتفسير للصفة بلازمها، فإن إنزال العقوبة من لوازم غضبه، وليس هو غضبه.

<<  <   >  >>