للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا وصفه بأنَّه "قَادِر" معناه: أنَّ له قُدْرَةً، كما قلنا في وصفه بأنه "حي" معناه: أنَّ له حياة، ولا يجوز أنْ يقال إن معناه: أنَّه على حال يصح منه الفعل، لأنَّه لم يزل قادرًا، ولا يجوز أنْ يقال: لم يزل فيصح كونه قادرًا، لأنَّ ذلك يُخرج الفعل عن كونه فِعْلًا ومَقْدُورًا (١).

وفي معنى ذلك وصفه تعالى بأنه "قدير" لأنَّه من أَلْفاظِ المبالغة، مثل قولنا: حكيم وقدير وعليم.

وأمَّا وصفه تعالى بأنَّه "لطيف" فمعناه: ملطف بعباده بفعل التوفيق، وقد يُراد باللطيف: أنَّه العالم الخبير بسرائر خلقه، والخفي من ضَمَائِرِهِم (٢).

وكذلك يقال في الدعاء: يا لطيف يا خبير، يصف علمه بما دَقَّ وخفي ولا يجوز أنْ يقال إن معناه: صَغُر ودق، فإنه يتعالى عن ذلك.

وأَمَّا وَصفه تعالى بأنه "يحيي ويميت" معناه: المتفَرِّد بهذه الصِّفة، وفي ذلك مدحة، لأنَّه لا يقدر على فعل ذلك في الذَّوات سواه (٣).

وأَمَّا وصفه تعالى بأنه "نِعْم الموْلَى ونِعْم النَّصِير" فهو خارج مخرج المدح وأنَّه أكرمُ مولى، وأعزُّ ناصر (٤).

وأمَّا وصفه تعالى بأنَّه "حفيظ وحافظ" فقيل معناه: عليم وعالم، وهو المراد بقوله تعالى {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: ٥٥] وقيل بمعنى مانع


(١) "القادر" تعالى الذي لا يعجزه شيئ ولا يفوته، الذي له القدرة الشاملة، وهي صفة ذاتية لا تنفك عنه بحال. انظر النهج (٢/ ١١٢ - ١١٣).
(٢) انظر النهج (١/ ٢٦٠ - ٢٦٢).
(٣) جاءت هاتان الصفتان في عدة آيات كقوله تعالى {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: ٢٥٨]. وقوله {وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [آل عمران: ١٥٦] وغيرها من الآيات.
(٤) اسمه "المولى" يعنى: الناصر والمعين. وكذلك "النصير" فعيل بمعنى فاعل، كقدير بمعنى قادر. انظر النهج (٢/ ٤٦ - ٤٧) وكذا (٢/ ٣٢٤ - ٣٢٥).

<<  <   >  >>