للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا وصفه تعالى بأنه "أَحْكَمُ الحَاكمين" فمعناه: الذي إذا حَكَم نَفَذَ حكمة، وإذا قضى لزم قضاؤه ووجبت حجته، وقيل: الحكم بمعنى الخبر فيرجع إلى الكلام، وكلامه صِفَة ذات قديمة. وقيل الحكم هو: المنع، ومعناه مانع الخصوم عن الظلم، ومنه حَكمَةَ اللجام، وهي ما أحاط بالحنكين، وهي المانعة له، وأحكم مبالغة في الصفة، لأنه عالم بمواقع الأفعال (١).

وفي معناه وصفه بأَنَّه "قاض" ويقضي بالحق، وقَضَى، وقد قال تعالى {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: ٤] أي: أعلمناهم وأخبرناهم، وقد يكون بمعنى الأمر، ومنه قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] أي: أَمَرَ، وكذلك قوله {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر: ٢٠] أي: يحكم ويأمر بالحق (٢).

* * *


(١) أخذه العلماء من قوله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨]. وهو من الأسماء المضافة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحَمِهُ اللهُ: "وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة، وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليس من هذه التسعة والتسعين" مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٨٥). وانظر كتابنا: النهج (١/ ٢٤١) وما بعدها.
(٢) "القاضي" استدلوا له بما ذكر المصنف من الآيات، وكلها وردت فعلًا، ولا يصح إطلاق الاسم منها وذكره في الأسماء: الحليمي والبيهقي وابن العربي والقرطبي وغيرهم. انظر "معتقد أهل السنة" (ص ٢٩٨) للتميمي.

<<  <   >  >>