الجسم والنوع والشكل والطول، لأن ذلك مستحيل في صفاته.
وإنما أطلقنا حَمْل إحدى الصورتين على الأخرى تسميةً لورود الشرع بذلك على طريق التعظيم لآدم، كما قال تعالى في أزواج النبي {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}[الأحزاب: ٦] ولسن بأمهات في الحقيقة لكن على وجه التعظيم، ولأن فيه معنى ينفرد به من بين سائر ذريته، وهو أنه لما وجد حيًّا كان كاملًا لم ينتقل من حال صغرٍ إلى كبر، ومن حال ضعفٍ إلى قوة، ومن حال جهلٍ إلى علم، كذلك الله تعالى في حال وجوده كاملًا لم ينتقل من نقصٍ إلى كمالٍ ولا يجوز أن يقال أن هذا المعنى موجود في خلق حوَّاء وفي الملائكة، لأنه وإن كان خلقهم على ذلك فآدم أكمل منهم، لأن الله أسجدهم له، ولأنه قال: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)} [التين: ٤] ولأن حوَّاء ناقصة بالأنوثية.
وليس في حمل إحدى الصورتين على الأخرى ما يوجب المساواة كما قال تعالى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}[آل عمران: ٥٩] ومعلوم أن آدم أفضل لأنه لم يخلق من نطفة، ولا اشتمل عليه رحم، وعيسى وجد فيه ذلك.
وكما قال تعالى {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون: ١٤]. وقال {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، {وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف: ٩٢] وقال (١){هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}[فصلت: ١٥] ولفظه أحسن وأرحم على وزن أفعل، ولفظة أفعل تقتضي الاشتراك في الشيء، وقد شرك بينه وبين خلقه في هذه الصفات، كذلك لا يمتنع الاشتراك في الصورة.
(١) في الأصل: "بل هو أشد منهم" وزيادة بل في الآية خطأ.