للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يطلق العمل بالمرسل كما فعل أبو حنيفة ومالك، بل قيده بشرط أن يؤيده دليل آخر، كان يكون راويه لا يرسل إلا عن ثقة، ولذلك قبِلَ مراسيل سعيد بن المسيب كلها، لتوفر هذا الشرط فيها، وفي هذا يقول في كتابه (الأم): "وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع ابن المسيب" (١).

وهو يأخذ بظاهر الكتاب والسنة، لا يعدل عن هذا الظاهر، إلا إذا دلَّ الدليل على أنَّ المراد بالنصِّ غيره.

ولم يجعل الإمام الشافعي من أصوله الاستحسان، وقد عقد في كتابه (الأم) كتابا بين فيه إبطال القول بالاستحسان (٢).

ومما رفضه الشافعي القول بالمصالح المرسلة، وعمل أهل المدينة، والإجماع الذي يراه الشافعي حجّة ليس هو الإجماع الذي اشتهر في كتب الأصوليين، فالإجماع الذي يصح عنده هو الذي يكون (في الفرض الذي لا يسع جهله من الصلوات والزكاة وتحريم الحرام" (٣).

أمّا أخبار الآحاد التي لا يُعْلمُ فيها خلاف، فلا يجيز الشافعي أن يقال فيه: هذا إجماع؛ لأن عدم العلم ليس دليلًا، فقد يكون الناس اختلفوا وهو لا يدري، والذي يقوله الشافعي في هذا المقام: "لا نعلمهم اختلفوا فيما لا نعلمهم اختلفوا فيه" (٤).

ويقول: "ولا نقول هذا إجماع، فإن الإجماع قضاء على من لم يقل، ممن لا ندري ما يقول لو قال، وادعاء رواية الإجماع، وقد يوجد مخالف فيما ادعى فيه الإجماع" (٥).


(١) كتاب الأم: ٧/ ٢٦٧.
(٢) كتاب الأم: ٧/ ٢٤٤.
(٣) كتاب الأم: ٧/ ١٤٤.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق.

<<  <   >  >>