للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسأله عن الأحباس: "الوقف"، فقال مالك: هذا حبس فلان، وهذا حبس فلان؛ أي التي وقفها الصحابة، فقال أبو يوسف: قد رجعت يا أبا عبد الله، ولو رأى صاحبي ما رأيت لرجع كما رجعت (١).

فأبو يوسف لم يكابر عندما سمع الدليل، وخالف إمامه الذي كان يرى أن في البقول صدقة، ولا يجيز الوقف، بل أعلن أن أبا حنيفة لو رأى هذا وسمعه، لترك رأيه واتبعه.

وهذا محمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة يقول في كتابه (الموطأ): "قال محمد: أما أبو حنيفة -رحمه الله- فكان لا يرى في الاستسقاء صلاة، وأمّا في قولنا: فإن الإمام يصلي ركعتين، ثمَّ يدعو ويحول رداءَه" (٢).

وذكر محمد أن أبا حنيفة أجاز بيع الدور والعقار والأرضين قبل أن تقبض، أما قول محمد فلا يجيز البيع في ذلك حتى تقبض (٣).

وأجاز محمد اشتراط الرجل الخيار في البيع إلى المدة التي اشترطتها مخالفاً في ذلك الإمام أبى حنيفة الذي لم يجز اشتراطه أكثر من ثلاثة أيام (٤).

وقد قارب ما خالف فيه محمد أبا حنيفة في موطئه على عشرين مسألة.

وقد نص ابن عابدين فى الحاشية على أن محمد بن الحسن، وأبا يوسف خالفا شيخهما أبا حنيفة فى نحو ثلث المذهب اتباعا للحديث (٥).

وهذا عصام بن يوسف البلخي من أصحاب محمد بن الحسن ومن الملازمين للإمام أبي يوسف "كان يفتي بخلاف قول الإمام أبى حنيفة كثيرا؛ لأنه لم


(١) المصدر السابق.
(٢) موطأ محمد: ٢/ ٧٥.
(٣) المصدر السابق.
(٤) المصدر السابق: ٣/ ٢٥٨.
(٥) حاشية ابن عابدين: ١/ ٤٦، وعزاه اللكنوي في النافع الكبير: ص ٩٣ إلى الغزالي.

<<  <   >  >>