للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعلم الدليل، وكان يظهر له دليل غيره، فيفتي به" (١).

وقد ذكر النووي أقوال الإمام الشافعي الآمرة بترك قوله إذا عارض الحديث، واتباع الحديث، ثمَّ قال: "وقد عمل بهذا أصحابنا فى مسألة التثويب واشتراط التحلل من الإحرام بعذر المرض وغيرهما مما هو معروف في كتب المذهب، وقد حكى المصنف ذلك عن الأصحاب فيهما، وممن حكي عنه أنه أفتى بالحديث من أصحابنا أبو يعقوب البويطي، وأبو القاسم الداركي، وممن نص عليه أبو الحسن الطبري في كتابه في أصول الفقه، وممن استعمله من أصحابنا المحدِّثين الإمام أبو بكر البيهقي وآخرون" (٢).

ويذكر أبو بكر الأثرم أنهم كانوا عند البويطى، فذكر الأثرم حديث عمار في التيمم، وأن المتيمم يضرب التراب مرة واحدة، فقال أخذ البويطي السكين وحته من كتابه، أى حت ما كان مثبتا فى كتابه من أن المتيمم يضرب التراب مرتين، وجعله ضربة واحدة، وقال: هكذا أوصانا صاحبنا (يريد الشافعى): إذا صح عندك الخبر فهو قولي (٣).

لا يجوز نسبة الأقوال المخالفة للحديث إلى الأئمة.

كل الأئمة نهوا أتباعهم عن متابعتهم فيما وجد فيه حديث صحيح يخالف قولهم، وأفتوا بأنَّ الحديث الصحيح هو مذهبهم، ومن هنا أوجب العلماء على فقهاء كل مذهب أن يعرفوا المسائل التى خالف فيها إمامهم الأحاديث الصحيحة، كي لا ينسبوا هذه الأقوال إليه، وقد جمع الإمام المحقق ابن دقيق العيد، رحمه الله، المسائل التى خالف كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث الصحيح فيها انفرادا واجتماعا في مؤلف ضخم، قال في أوله: "إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام، وإنَّه يجب على الفقهاء المقلدين


(١) البحر الرائق: ٦/ ٩٣، ورسم المفتي: ١/ ٢٨.
(٢) المجموع للنووي: ١/ ٦٣.
(٣) مختصر كتاب المؤمل: مجموعة الرسائل المنيرية: ١/ ٣٢.

<<  <   >  >>