للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقال: مذهب أبي حنيفة أن صلاة الظهر واجبة، ومذهب مالك أن صوم رمضان واجب، ومذهب الشافعي أن الخمر حرام، فلا خصوصية لواحد منهم بواحد من هذه؛ فإن مذاهبهم جميعا في هذه مذهب واحد، وحتى يكون الرأي أو الحكم مذهبا للإنسان، لا بدَّ أن يكون صالحا لأن يختص به دون غيره، ولذا فإن المسائل المجمع عليها لا يصح أن تنسب إلى مذهب رجل بعينه، وإن كان دليلها ظني الثبوت، أو ظني الدلالة، فنكاح المرأة على عمتها، أو على خالتها متفق على تحريمه عند أهل السنة، ودليله خبر آحاد.

وفي هذا يقول القرافي رحمه الله: "لا يقال: هذا مذهب مالك أو الشافعي إلا فيما يختص به؛ لأنه ظاهر اللفظ في الإضافة والاختصاص" (١).

ويقول: "المذاهب طرق متبوعة لا يضاف لعالم منها إلا ما اختص به، والمذاهب المشهورة أربعة، ولن يحصل التعدد إلا بالاختصاص، لا بالمشترك بينها" (٢).

وقال أيضا: "الطرق المشتركة لا يحسن إضافتها لآحاد الناس توسعا، وعلى التحقيق لا يضاف إلا المختص" (٣).

وقال الدردير في شرحه الكبير: "الأحكام التي نص الشارع عليها في القرآن أو في السنة لا تعدُّ من مذهب أحد من المجتهدين" (٤).

وقد حدد القرافي المسائل التي يمكن أن تدخل في إطار المذاهب بخمس: "الأحكام، وأسبابها، وشروطها، وموانعها، والحجاج المثبتة للأسباب، والشروط والموانع".

وهو يريد بذلك كله المختلف فيه لا المتفق عليه.

وقد مثلنا للمتفق عليه من الأحكام، والمختلف فيه مثل حكم الوتر، وحكم الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التشهد، ونحو ذلك.


(١) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام: ص ١٩٩.
(٢) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام: ص ٢٠٠.
(٣) المصدر السابق.
(٤) الشرح الكبير: ١/ ٩.

<<  <   >  >>