للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به من الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، وما اختص به من أسباب الأحكام والشروط والموانع والحجاج المثبتة لها" (١).

وعرفه الدردير بقوله: "مذهب مالك مثلاً: عبارة عما ذهب إليه من الأحكام الاجتهادية التي بذل وسعه في تحصيلها" (٢).

وقال الشيخ أحمد الصاوي: "مذهب مالك ما ذهب إليه مالك من الأحكام الاجتهادية" (٣).

وهذه التعريفات هي: تعريف للمذهب من حيث هو مذهب، ولا اختصاص له بمذهب إمام دون غيره.

وإذا أنت تأملت في هذه التعريفات تجد أن المجال الذي يعمل فيه المذهب الفقهي هو الأحكام الشرعية الفرعية، فلا عمل للمذهب في الأحكام الأصولية، لا أصول الدين، ولا أصول الفقه.

فالاختلاف في العقيدة يقسم الأمَّة إلى فرق، فعلماء المذاهب الفقهية السنية كلهم أتباع منهج واحد في الاعتقاد، فعقيدتهم هي عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفوهم فرق انحرف بها المسار كالخوارج والمعتزلة، فلا مذاهب بين علماء أهل السنة في مجال الاعتقاد، والصحابة جميعاً على طريقة واحدة في الاعتقاد، ولكنهم اختلفوا في بعض أحكام مسائل الفروع.

وينبغي للباحث أيضا أن يتنبه إلى أن مسائل الفروع ليست كلها مما يصح أن يدخل في إطار ما يسمى بالمذهب الفقهي، فالأحكام التي لا مجال للاختلاف فيها، لكون أدلتها قطعية الدلالة، قطعية الثبوت، مثل وجوب الصلوات الخمس، ووجوب شهر رمضان، ووجوب الزكاة، وكون صلاة الظهر أربعا، والمغرب ثلاثا ونحو ذلك، لا يصح أن تنسب إلى مذهب شخص بعينه، فلا


(١) الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام: ص ٢٢٠.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ١/ ١٩.
(٣) حاشية أحمد الصاوي على الشرح الصغير: ١/ ١٦.

<<  <   >  >>