للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ربَّه، وفي ذلك يقول الشعراني: "مذهب الإمام حقيقة هو ما قاله، ولم يرجع عنه إلى أن مات، لا ما فهمه أصحابه من كلامه، فقد لا يرضى الإمام ذلك الأمر الذي فهموه من كلامه، ولا يرضى به لو عرضوه عليه، فعلم أن من عزا إلى الإمام كل ما فهم من كلامه فهو جاهل بحقيقة المذاهب" (١).

ويقول ابن عابدين: "لا يقال: قال أبو حنيفة كذا، إلا فيما روي عنه صريحاً" (٢).

٢ - يضم كل مذهب أقوالاً كثيرة متعارضة متناقضة لمجتهدي المذهب، فكيف يمكن أن تنسب إلى إمام المذهب كل تلك الأقوال مع تعارضها واختلافها.

٣ - لم يكن أصحاب الإمام ومجتهدو مذهبه يتابعون الإمام في كل ما ذهب إليه في مسائل الفروع، فإنهم كانوا أصحاب نظر اجتهادي مستقل في كثير من الأحيان، فلا يجوز أن تنسب أقوالهم إلى إمام مذهبهم مع اختلاف الاجتهاد.

٤ - كثر الخطأ في نقل أقوال الأئمة، والقياس على أقوالهم، والتخريج على قواعدهم، وعدَّ كثير من الفقهاء كل ذلك مذهباً لإمام المذهب، وحشى كثير من المتأخرين المذهب بأقوال لا تنطبق على أصول إمام المذهب، ولا قواعده ومسائله، خصوصاً المسائل التي بنوا أحكامها على فرض الوقوع، وكثير منها من قبيل المستحيل.

وقد صحح بعض العلماء نسبة الأقوال الصادرة من علماء المذهب إلى إمام المذهب على سبيل التجوز، فإذا قالوا: هذا مذهب أبي حنيفة أو مذهب مالك، فإنه المعنى المراد أنه قول أهل مذهبه (٣)، أو المفتي به في مذهبه.

والقائلون بما لم يقل به إمامهم صح نسبة قولهم إليه لأنهم ساروا على


(١) الميزان للشعراني: ١/ ٦٧.
(٢) شرح عقود رسم المفتي لابن عابدين: ١/ ٢٥.
(٣) شرح عقود رسم المفتي: ١/ ٢٥.

<<  <   >  >>