للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعلماء المذاهب في هذا المجال جهود واسعة.

وقد ازدادت مهمة محققي المذاهب صعوبة وتعقيدا مع كثرة التأليف والاجتهادات في كل مذهب، فقد كثرت الأخطاء في تحقيق المذهب، والخطأ من طبيعة البشر، وألف في المذاهب من ليس بأهل للتأليف والفتوى، فتضاعفت الأخطاء، وقد نبه إلى هذا الخلل الذي وقع في المذاهب الفقهية المحققون في كل مذهب، ومن هؤلاء أبو شامة الشافعي المذهب، وفي ذلك يقول: "يختلف المصنفون من أصحابنا كثيراً فيما ينقلونه من نصوص الشافعي، وفيما يصححونه منها، وصارت لهم طرق مختلفة خراسانية وعراقية، فترى هؤلاء ينقلون عن إمامهم خلف ما ينقله هؤلاء، والمرجع في هذه كله إلى إمام واحد، وكتبه مدونه مروية موجودة، أفلا كانوا يرجعون إليها، وينقون تصانيفهم من كثرة اختلافهم عليها" (١).

ويقول النووي رحمه الله تعالى: "أكثر العلماء من أصحابنا الشافعيين وغيرهم من العلماء من التصنيف في الفروع من المبسوطات والمختصرات، وأودعوا فيها من الأحكام والقواعد والأدلة وغيرها من النفائس الجليلات، ما هو معلوم مشهور عند أهل العنايات، وكانت مصنفات أصحابنا رحمهم الله في نهاية من الكثرة فصارت منتشرات، مع ما هي عليه من الاختلاف في الاختيارات، فصار لا يحقق المذهب من أجل ذلك إلا أفراد من الموفقين الغواصين المطلعين أصحاب الهمم العاليات" (٢).

وقال النووي في المجموع: "اعلم أن كتب المذهب فيها اختلاف شديد بين الأصحاب، بحيث لا يحصل للمطالع وثوق بكون ما قاله مصنف منهم هو المذهب، حتى يطالع معظم كتب المذهب المشهورة" (٣).


(١) مختصر كتاب المأمل للرد إلى الأمر الأول: ص ٢٨. مجموعة الرسائل المنيرية: الجزء الثالث.
(٢) روضة الطالبين: ١/ ٤.
(٣) المجموع: ١/ ٤.

<<  <   >  >>